لقد أسلفنا القول إن مقالة بعض المعتزلة في نفي الإعجاز الذاتي عن القرآن وإن إعجازه كان بصرف الناس عن معارضته، كانت الدافع للكتابة في بيان إعجاز القرآن وأن إعجازه ذاتي في النظم والفصاحة والبلاغة.
وذكرنا أن أول المتصدّين لرد هذا القول كان الجاحظ، وهو رأس فرقة منهم، إلا أن كتابه «نظم القرآن» لم يصل إلينا، وإن كانت كتبه الأدبية مثل «البيان والتبيين» و «الحيوان» تعطي نماذج جيدة عن فكرته في نظم القرآن.
ولعل أول رسالة خاصة بإعجاز القرآن وصلتنا من أحد متكلمي المعتزلة وأدبائهم هي رسالة «النّكت في إعجاز القرآن» لأبي الحسن علي بن عيسى الرّمّاني المتوفى سنة (٣٨٤) هـ. وفيما يلي تعريف بالرماني وبرسالته بإيجاز:
الرّمّاني: هو أبو الحسن علي بن عيسى الرّمّاني، نسبة إلى الرمان وبيعه أو إلى قصر الرمان، وهو قصر بواسط. ولد سنة ست وتسعين ومائتين من الهجرة بمدينة سامراء أو ببغداد. أخذ اللغة والنحو على جماعة من شيوخ العلم مثل أبي بكر السراج، والزجاج، وابن الإخشيد المعتزلي.
كان محبا للعلم واسع الاطلاع متقنا للأدب وعلوم اللغة والنحو، وبرع في علوم القرآن والتفسير وألف فيها. وتوفي بعد حياة حافلة سنة ٣٨٤ هـ.
أما كتابه فهو «النّكت في إعجاز القرآن» ويظهر من مقدمته للكتاب أنه