للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الصرفة]

رافق القول بالصرفة القول بإعجاز القرآن، بل كان هذا القول الباعث الأول للبحث في وجوه إعجاز القرآن، ومن ثم نشوء علم البلاغة عامة.

[مصدر القول بالصرفة]

عرف العرب في قرارة نفوسهم أن عجزهم عن أن يأتوا بمثل القرآن نابع من ذاتية القرآن. يتضح ذلك من أقوالهم المرويّة عنهم. وبقي الأمر كذلك إلى صدر العصر العباسي، حيث أولع الناس بالفلسفة الدخيلة واطّلعوا على فلسفة الهند والفرس واليونان، وصارت الطبقة المثقفة من غير علماء الدين شعارها الإغراب في الأقوال والأفكار، لما وصلوا إليه من ترف عقلي. واطلع بعض المتفلسفين من علماء المسلمين على أقوال البراهمة في كتابهم «الفيدا» (١)، وهو الذي يشتمل على مجموعة من الأشعار ليس في كلام الناس ما يماثلها- في زعمهم-، ويقول جمهور علمائهم إن البشر يعجزون عن أن يأتوا بمثلها لأن براهما صرفهم عن أن يأتوا بمثلها، ولكن خاصتهم يقولون

إن في مقدورهم أن يأتوا بمثلها ولكنهم ممنوعون من ذلك احتراما لها.

وعند ما دخلت الأفكار الهندية في عهد أبي جعفر المنصور ومن والاه


(١) الفيدا: يطلق على كتب الهندوس المقدسة الأربعة، وقد يطلق على كل واحد منها على انفراد، وكتبت هذه الأسفار باللغة السنسكريتية ويعود تاريخها إلى ما بين عام ٣٠٠٠ - ١٠٠٠ قبل الميلاد، ومعنى كلمة (فيدا) بالسنسكريتية «المعرفة». انظر موسوعة المورد للبعلبكي ١٠/ ٨٢.

<<  <   >  >>