وصحيح. ومع ذلك فإننا لا نستطيع أن نقول: إن معنى الآية هو هذا فحسب، وليس بعد فهمنا لها فهم آخر، بل قد يكشف لنا المستقبل عن أسرار إلهية في البنان فوق ما تصورناه ووصلت إليه مداركنا العصرية، وتبقى الآية الكريمة مجال بحث الباحثين واستنباط المفكرين وبصمة إعجاز على جبين العصور بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ ٤.
[٦ - استحالة التصادم بين الحقائق القرآنية والحقائق العلمية]
يستحيل التصادم بين الحقائق القرآنية وبين الحقائق العلمية لأنهما من مشكاة واحدة. وينبغي أن يكون من المسلّمات في أذهاننا أن الحقائق القرآنية المتعلقة بأيّ جانب من جوانب الكون أو الإنسان والحيوان والنبات- إذا كانت قطعية الدلالة- لا يمكن أن تصادمها حقيقة علمية توصّل الجهد البشري إليها بناء على جهود المختصين خلال التاريخ الحضاري للبشرية.
وما يثيره بعض الناس من توهم بوجود تناقض فهو سوء فهم للحقيقة القرآنية بأن يتوهمها قطعية الدلالة ولا تكون كذلك، أو سوء فهم للحقيقة العلمية بأن يظنها حقيقة علمية وهي لا تزال في طور النظرية. ونحن نقول جازمين باستحالة وقوع مثل هذا التناقض، لأننا نؤمن بأن القرآن منزل من خالق السماوات والأرض وواضع سننه ومدبّر شئونه وأن الحقائق العلمية التي تكتشف هي من صنعه ووضعه في الكون، ولا يليق بحكمة الحكيم الخبير أن يخلق شيئا على هيئة معينة ثم يخبرنا بخلافها، حاشاه سبحانه وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ١٤ [الملك: ١٤]، قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ٦ [الفرقان: ٦].
[٧ - اتباع المنهج القرآني في طلب المعرفة]
من البر والحكمة سلوك سبل الأسباب للوصول إلى حقائق المعرفة «دخول البيوت من أبوابها» وعدم تعجل النتائج بأن نعلم أن الأمور مرهونة