رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل اليهود عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروا عنه فيما سألهم، وفرحوا بما أتوا من كتمانهم (١).
[ثانيا: ما ورد في شأن المنافقين]
والفئة الثانية التي لم يقر لها قرار في المدينة بعد أن استوطنها المسلمون المهاجرون وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم وبين الأنصار هي فئة المنافقين، وكان يتزعمها عبد الله بن أبي ابن سلول، فكان هو وأتباعه يحاولون النيل من الإسلام ووضع بذور الشقاق والخلاف بين المسلمين من الأوس والخزرج، وبينهم وبين المهاجرين كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ولكن آيات القرآن الكريم كانت لهم بالمرصاد حيث كشفت عن أعمالهم وعن دخيلة أنفسهم فكان المسلمون على بينة من أمرهم.
أ- فمن الأساليب التي كان يلجأ إليها المنافقون حرب الأعصاب، ففي غزوة أحد قام رأس النفاق بشطر الجيش وسحب أنصاره منه وهم زهاء الثلاثمائة وهم يريدون بذلك إيقاع البلبلة والاضطراب في قلوب المسلمين، ولما هزم المسلمون في المعركة أبدوا شماتة الجبناء الأنذال، والقرآن يصور خستهم القائمة على الخبث والجبن ويبرز الحقيقة الكامنة فيهم، وهي أن ألسنتهم وصدورهم إنما تعيشان باستمرار على طرفي نقيض: وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (١٦٦) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (١٦٧)[آل عمران: ١٦٦ - ١٦٧].
وفي غزوة الخندق كان لنذالة المنافقين دورها، فقد حفر المسلمون الخندق حول المدينة ليكونوا في مأمن من هذا الهجوم ولكن المسلمين أصبحوا مع ذلك في خطر يتهددهم من داخل المدينة من قبل اليهود لا