فهذه الأوصاف والمزايا توجب أن يكون إعجازه ذاتيا وقد قال سبحانه وتعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرعد: ٣١]. أي لو كان من شأن كتاب أن يظهر له أثر في مثل هذه الأشياء لكان هذا القرآن أولى من كل كتاب بذلك.
فالقول بالصرفة يسلب هذه الصفات الذاتية عن القرآن الكريم ويجعل الإعجاز في المنع الذي حال بينهم وبين الإتيان بمثله.
[وأما الأدلة العقلية]
١ - إن قول النظام ومن تبعه: إن الله صرفهم بصرف الدواعي عن الاهتمام بالمعارضة يكذبه الواقع التاريخي، كيف يقال إنهم لم يهتموا بأمر القرآن والتوجّه لمعارضته وهم الذين لم يدّخروا وسعا في سبيل القضاء على القرآن والتخلص ممن أنزل عليه.
- هل يقال إن دواعيهم كانت مصروفة عن المعارضة ولم يهتموا بشأن القرآن وهم الذين أوفدوا عتبة بن ربيعة ليفاوض محمدا صلى الله عليه وسلّم على ترك سب آلهتهم وتسفيه أحلامهم وله مقابل ذلك الملك والمال والجاه والنساء وكل ما يرغب؟!.
- أيقال إن دواعيهم كانت مصروفة عن القرآن وهم الذين وجهوا أشرافهم إلى عم النبي صلى الله عليه وسلّم أبي طالب لكي يسلمهم محمدا يقتلوه ويعطوه بدله أنهد فتى في قريش، عمارة بن الوليد بن المغيرة؟!.
- كيف يقال إن دواعيهم لم تتوجّه إلى معارضة القرآن وهم الذين لمّا يئسوا من المفاوضات قرروا إرسال فتى من كل قبيلة لاغتيال محمد صلى الله عليه وسلّم في بيته لكي يتفرّق دمه في القبائل فلا يستطيع بنو هاشم حرب