للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العرب جميعا فيضطرون إلى قبول ديته؟! ولما أنجاه الله منهم جمعوا الجيوش تلو الجيوش لخوض المعارك الضارية وهم يقدمون وقودا لها أبناءهم وفلذات أكبادهم في سبيل إطفاء نور الله والقضاء على دعوة محمد صلى الله عليه وسلّم.

كل هذا وكان يكفيهم مؤنة ذلك ويبطل دعوة محمد صلى الله عليه وسلّم الإتيان بمثل أقصر سورة من سور القرآن، وكيف يبذل الإنسان حياته وما يملك في سبيل شيء بينما تحقيق غرضه يتم بشيء هو من مألوفات حياته اليومية العادية ومن أخص خصائصه التي اشتهر بها ونسبت إليه.

إن ترك المعارضة بالحرف واللسان واللجوء إلى الضرب والطعن بالسنان من قريش- ذؤابة العرب وأهل الحجا والنّهى فيهم- لدليل على إحساسهم بالعجز المطلق أمام آيات الله البينات.

بل كان هذا العقل الراجح يمنعهم من ارتكاب حماقات مثل حماقات مسيلمة في زعمه الإتيان بمثل سور القرآن فأصبح أضحوكة الأجيال والأزمان. إن من يعرف عادات العرب في الجاهلية وقريش خاصة في الحفاظ على احترام الآباء وتقديس العادات والمفاخرة بالأمجاد، يدرك مدى هول ما نزل بهم عند ما تحدّاهم القرآن وأبطل

عاداتهم وتقاليدهم الموروثة من الآباء والأجداد وسفّه أحلامهم، ثم طلب منهم إن أرادوا النصرة لأنفسهم أن يأتوا بمثل سورة من القرآن، ثم سجل عليهم الخزي والهزيمة بقوله: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (٢٤) [البقرة: ٢٤].

٢ - وعن قول المرتضى ومن شايعه: أن الله سلب من العرب العلوم التي يحتاجون في معارضة القرآن، نقول:

- وهل انحطت علومهم وعقولهم بعد التحدّي عما كانت عليه قبل التحدّي؟! إننا إذا قارنّا بين أساليبهم في الكلام قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلّم وبعد البعثة لم نجد تفاوتا بين أساليبهم، وعلى هذا الزعم كان ينبغي أن تسف

<<  <   >  >>