كوحدة منفصلة، وراحوا يستخرجون منها مباحث في اللغة والأدب والبلاغة والأصول والفقه والتشريع والعقيدة وغيرها، وألفوا مؤلفات كثيرة ضخمة في التفسير، وملئوها بمباحث في النحو والبلاغة ... كما ألّفت كتب عديدة في علوم القرآن ضمنت مباحث متنوعة مثل قصص القرآن وبديع القرآن وتشبيهات القرآن ومعاني القرآن وإعجاز القرآن.
إلا أن القليل من المفسرين والبلاغيين وفّقوا في بعض الأحيان إلى إدراك الخصائص العامة للجمال الفني في القرآن الكريم ووقفوا عند نظرات جزئية، وأدركوا فيها بعض مواضع الجمال المتفرقة.
وسبب عدم إدراكهم للخصائص العامة هو وقوفهم عند حدود عقلية النقد العربي القديمة، تلك العقلية الجزئية التي تتناول كل نص على حدة فتحلّله وتبرز الجمال الفني فيه، إلى الحد الذي تستطيع- دون أن تتجاوز هذا- إلى إدراك الخصائص العامة في العمل الفني كله (١):
[المرحلة الثالثة]
مرحلة إدراك الخصائص العامة:
وهي المرحلة التي جاءت متأخرة، ولم تتم إلا في العصر الحديث، حيث بدأت الكتابة في الخصائص العامة للجمال الفني في القرآن، باكتشاف القاعدة العامة والطريقة الموحدة في التعبير القرآني.
وتناول سيد قطب جانبا هاما من القواعد الأساسية في أسلوب القرآن الكريم في كتاب «التصوير الفني في القرآن» فكان رائدا من رواد هذه المرحلة في إبراز قاعدة أساسية عامة من الأساليب البيانية للقرآن الكريم.
يقول سيد قطب في ذلك: (إن حقيقة جديدة تبرز لي، إن الصور في القرآن ليست جزءا منه يختلف عن سائره، إن التصوير هو قاعدة التعبير في هذا الكتاب الجميل، القاعدة الأساسية المتبعة في جميع الأغراض- فيما
(١) «التصوير الفني في القرآن» ص ٢٣، ٢٥، ٢٦، ٣٠ باختصار.