يقوم الشاهد إلا بعد قيام الدعوى، أما إذا تقدم على دعوى الرسالة، فيكون من قبيل (الإرهاص). وهي الأمور التي تتقدم على الرسالة وتمهد لها كتظليل السحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في سفره إلى الشام قبل البعثة.
[إمكان وقوع المعجزة]
إن النواميس الطبيعية التي يسير عليها الكون والتي يخضع لها الإنسان في أغلب شئونه وحياته المعاشية هي من صنع خالق الكون ومبدعه وواضع نظمه وأسسه. فالله سبحانه وتعالى له القدرة المطلقة والسلطان الذي لا يحدّ في إبقاء السنن أو تغييرها.
إن الذي أوجد الماء من العدم المطلق لا يعجز أن يجعله ينبع من بين أصابع الإنسان، والذي خلق الجاذبية في الكون والكواكب وجعل الأجسام الثقيلة تسقط باتجاه مركزها، لا يستغرب منه أن يرفع تأثير هذه الجاذبية عن بعض الأجسام لتتخلص من نفوذها وتصعد إلى السماء، فيكون في هذه الحالة وتلك معجزة لأحد أصفيائه من البشر، ودليل صدق على رسالته.
إن العقل السليم الذي يؤدي بصاحبه إلى الإيمان بالله ذي القوة المطلقة الخالق المدبر المهيمن على الكون بأسره لا يستبعد حدوث الأمور الخارقة لهذه الأسباب والسنن ما
دامت الحياة والإنسان والكون خاضعا لإرادة الذي إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون.
ولا ينكر الأمور الخارقة للعادة عامة ومعجزات الأنبياء خاصة إلا أحد اثنين:
- إنسان ملحد ينكر كل ما غاب عن الحواس فهو كافر بالغيب، ويقول إنما نحيا ونموت وما يهلكنا إلا الدهر، فمثل هذا يحتاج إلى عملية فكرية جذرية للإيمان بخالق الكون والحياة والإنسان ...
- أو إنسان يؤمن بإله محدود القدرة عاجز عن التصرف في الكون