فإن عودة المسلمين إلى كتاب ربهم في العقود الأخيرة من هذا القرن أصبحت حقيقة واقعة والإقبال على الدراسات القرآنية أصبحت ظاهرة لافتة للنظر، وافتتاح مدارس تحفيظ القرآن وإقامة الحلقات المسجدية لمدارسة القرآن الكريم ونشر علومه عمت بلاد المسلمين.
وانطلقت الصحوة الإسلامية في أقطار الأرض تكتسح الجامعات والطبقات الاجتماعية المختلفة وعلى رأسها طبقات الشباب، وأدرك المسلمون أن لا مكان لهم على وجه الأرض ما لم يحددوا هويتهم الحضارية ويثبتوا استقلالهم الفكري ويثبتوا شخصيتهم وذاتهم وأدركوا أن ذلك لا يتم إلا بالعودة إلى المنهل الصافي والمورد العذب إلى الوحي الإلهي من الكتاب والسنّة.
ولما كان التطبيق العملي لهدايات القرآن الكريم لا يتم إلا بعد فهم نصوصه والإحاطة بتوجيهاته، كان لزاما على علماء المسلمين عامة وعلى المتخصصين في علوم القرآن الكريم خاصة أن يتناولوا كل ما يتصل بالقرآن الكريم من حيث الشكل والمضمون، ومن حيث الأداء والترتيل، ومن حيث الفهم والاستنباط، فإن ذلك كله مقومات ومقدمات للالتزام والتطبيق.
ولئن كانت تلك الدراسات والجهود تتم على مستوى الأفراد والمؤسسات العلمية والأصعدة الشعبية، فإن المستويات الرسمية والدول لا زالت تتوجس خيفة من الالتزام بهدايات القرآن في أنظمة الدولة السياسية