تشويش واهتزاز، وكلام الله سبحانه وتعالى منزه عن أن يطرأ عليه مثل ذلك، ومن هنا كان خطأ بعض المفسرين الذين ذكروا الروايات الإسرائيلية- التي تدخل تحت نص:«حدّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» - عند ما وضعوها في تفاسيرهم وقرنوها بالآيات الدالة على ما هو قريب منها، حتى أصبح الناس ينظرون إليها على أنها تفسير للآية لا محيد عنه. ثم ظهر بطلان كثير من هذه الروايات ومناقضتها للحقائق التاريخية والكونية والفلكية مما هزّ ثقة الناس بالتفسير بالمأثور.
[٥ - عدم حصر دلالة الآية على الحقيقة الواحدة]
عند إحاطتنا بدلالات الكلمة اللغوية الحقيقة والمجازية واستعمالات العرب لها، إن وجدنا أن حقيقة علمية تؤيد إحدى هذه الدلالات، لا بأس عندئذ أن نرجح الدلالة التي أيدتها الحقيقة العلمية على أن لا نحكم بالبطلان والفساد على الدلالة التي رجحناها من جهة أخرى، فقد تكون الحقيقة العلمية التي رجحنا على ضوئها هذه الدلالة إحدى وجوه دلالات الآية، وظلالها ممتدّة إلى حقائق أخرى لم نتمكن من التوصل إليها حسب ثقافة عصرنا، إلا أن التقدم العلمي والحضاري كفيل أن يميط اللثام لنا عن جوانب أخرى.
كان إلى ما يقرب من مائة سنة ينظر إلى دلالة (تسوية البنان) نظرة تختلف عن نظرتنا لها الآن بعد معرفة قضية البصمات، إلا أننا لا نبطل كلام السلف في معنى الآية، فالآية تدل على ما قالوه وما فهموه.
والشعور الذي استقر في نفوسهم عن أن هنالك حكمة عظيمة في خلق البنان وتسويته على هذه الشاكلة شعور مرهف وصحيح، وإن كان فهمنا الآن لدلالة الآية على ضوء معطيات العلم الحديث أعمق وأدل، وكذلك فإن شعورنا في دقة صنعة الخالق سبحانه وتعالى وحكمته سليم