يوجد أحسن منها لم يوجد، ونحن تتبين لنا البراعة في أكثره ويخفى علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة وميز الكلام.
وفيما يلي بعض مزايا النظم القرآني وأمثلة عليها:
[التناسق بين العبارة والموضوع الذي يراد تقريره]
إن الذي يتمعن النظر في النظم القرآني يلاحظ التناسق الكامل والتآلف التام بين العبارة القرآنية والمعنى الذي يراد بيانه وتوضيحه؛ فالألفاظ في النظم يلائم بعضها بعضا وهي كلها متوجهة إلى الغرض المنشود بحيث إذا كان المعنى غريبا كانت ألفاظه غريبة وإذا كان المعنى معروفا مستحدثا كانت الألفاظ تناسبها.
يقول بديع الزمان: فالكلام إذا حذا حذو الواقع وطابق نظمه نظامه حاز الجزالة بحذافيرها. ويكون ذا قوة وقدرة إذا كان أجزاؤه مصداقا لما قيل:
عباراتنا شتى وحسنك واحد ... وكل إلى ذاك الجمال يشير
بأن تتجاوب قيودات الكلام ونظمه وهيئته ويمدّ كل بقدره الغرض الكلي مع ثمراته الخصوصية (١).
وفي الأمثلة التالية نلقي أضواء على هذا الجانب:
أ- لما أراد الله سبحانه وتعالى أن يصف حالة يعقوب عليه السلام وهو يتأسف على يوسف عليه السلام، وكانت هذه الحالة غريبة في نظر أبنائه لأنهم لم يسدوا مكان يوسف، عبر عن هذه الحالة بكلمات غريبة كلها، فقال سبحانه وتعالى على لسانهم: قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً [يوسف: ٨٥]، حيث أتى بأغرب ألفاظ القسم بالنسبة