وهو الذي يختار نوعها وزمانها ومكانها، ودور الرسول فيها أنها تتجلى على يده. وليس بالضرورة أن تكون نفس الخارقة التي طلبها القوم، فإن مدلول الخارقة والإيمان والتصديق لصدق الرسول يتحقق بوجود المعجزة مطلقا ولا يتوقّف على نوع خاص من المعجزات. بل إن سنّة الله تقضي بتعجيل عذاب الاستئصال للذين لم يذعنوا للآية الخاصة التي سألوها: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ (٨)[الأنعام: ٨].
[سنة الله سبحانه وتعالى في معجزات الأنبياء]
باستعراض معجزات الأنبياء السابقين ومعجزات خاتمهم عليهم الصلاة والسلام أجمعين نلاحظ أن المعجزة تختار من بيئة القوم الذين يرسل الرسول إليهم ومن نوع المشهور في عصرهم مما يتلاءم مع مستواهم الفكري ورقيّهم الحضاري، لتكون الحجة أقوى.
أ- الأنبياء الذين عاشوا في البلاد العربية كانت معجزاتهم مناسبة لبيئة العرب الصحراوية، فمعجزة صالح عليه السلام كانت ناقة غريبة المنشأ والمولد بين نوق أهل البادية قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣) ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤) قالَ هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥) وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦)[الشعراء:
١٥٣ - ١٥٦].
ب- وكان السحر منتشرا بين المصريين عامتهم وخاصتهم استرهبهم فرعون وجنوده به، فجاءت معجزات موسى عليه السلام من جنس المشهور بين قومه فمن معجزاته الرئيسية: