الأنبياء السابقين ما يستنبط منها حكم تشريعي. وهذه ميزة فريدة لمعجزة رسول الله صلى الله عليه وسلم دلالتها على مصدرها الرباني كامن فيها نفسها. فالرسالة هي المعجزة والمعجزة هي الرسالة.
وبهذه المزايا الفريدة لم تكن هذه المعجزة دليل صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسب بل كانت شاهد الصدق على رسالات الأنبياء السابقين وتبليغهم رسالات ربهم لأممهم. وبهذه المزايا أصبحت أمة محمد صلى الله عليه وسلم جديرة بالاستشهاد على الأمم الأخرى يوم يقع التناكر والجحود بين الأقوام ورسلهم، تزعم الأمم أن رسلها لم يبلّغوا الرسالات، عندئذ تدعى أمة محمد صلى الله عليه وسلم لتشهد على تبليغ الأنبياء أقوامهم رسالات ربهم، وما شهادتهم للأنبياء إلا على إخبار القرآن الكريم وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة: ١٤٣].
[الحكمة في الصرف عن المطالبة بالمعجزات المادية إلى معجزة القرآن الكريم]
ولعلنا لا نستغرب عند ما نجد القرآن الكريم يصرف أنظار قريش المطالبين بالآيات المادية وغيرها من المقترحات يلفت أنظارهم إلى ما هو الأجدى والأليق والأرحم: وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (٩٠) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (٩١) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا (٩٣)[الإسراء: ٩٠ - ٩٣].