الخالد هو تنزيل الذي خلق الجلود والأنفس وأودع فيها خاصيات الإحساس بالألم وإلا فمن علم الأمي هذه الحقائق المذهلة في نفس الإنسان وتكوينه وميزاته التي تميز بها عن سائر المخلوقات.
[الضغط الجوي وتأثيره على الإنسان]
يخبرنا القرآن الكريم عن حالة الذين يضيقون ذرعا بهدايات الإسلام ووعيده وإنذاره، يشبه حالتهم عند سماعها بحالة من يصعد في السماء وذلك في قوله تعالى: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)[الأنعام: ١٢٥].
قال المفسرون: إن الآية الكريمة تشير إلى أن حالة الكفار عند سماع الإسلام كحالة من يزاول أمرا غير ممكن لأن صعود السماء مثل فيما يمتنع ويبعد عن الاستطاعة، فكأن الكافر في نفوره من الإسلام وثقله عليه بمنزلة من يتكلف الصعود إلى السماء، فحاله كحال من يزاول ما لا يقدر عليه (١).
وهذا الفهم محتمل من حيث ظاهر الآية، ولم يكن يتصور قبل صعود الإنسان في الفضاء أكثر من ذلك.
إلا أن آفاقا جديدة فتحت في دلالة الآية الكريمة عند ما صعد الإنسان في الفضاء وعرف تأثير الضغط الجوي على أجهزة الإنسان الداخلية.
يقول العلم الحديث في هذا الصدد: إن الله سبحانه وتعالى جعل الضغط في داخل الجسم متناسبا تماما مع الضغط الجوي المحيط بالجسم، وقدر قياس هذا الضغط بما يساوي وزن ستة وسبعين سنتمترا من الزئبق.
ففي الأحوال الاعتيادية للإنسان ليس هنالك أي تغلب من الضغط الداخلي على الخارجي ولا العكس، وبعد اكتشاف الوسائل الحديثة للارتفاع في أجواء السماء فقد لاحظوا مدى التأثير عند الصعود بهذا الضغط وما
(١) انظر في ذلك «غرائب القرآن» للنيسابوري، ٢/ ٢١، و «تفسير البيضاوي» ص ١٧٨.