للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الحيوان]

يقرر القرآن الكريم حقائق عن الحيوان لا تقل في الأهمية والدقة عن الحقائق التي يقررها في كل جانب من جوانب الكون والحياة، فهو يلفت النظر تارة إلى المنافع التي يحصل عليها الإنسان من تسخير هذه الدواب ركوبا وحملا ولباسا وطعاما وشرابا وزينة، فهي مسخرة للإنسان مذللة له منقادة.

[(أ) التذليل]

إن ظاهرة انقياد الحيوان للإنسان ظاهرة تستدعي شكر المنعم الذي جعل فيها هذه الطبائع، ولولا وجود هذا الطبع فيها لما استطاع الإنسان إلى التغلب عليها سبيلا.

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١) وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢) وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٧٣) [يس: ٧١ - ٧٣].

يقول الإمام الغزالي: اعلم- وفقك الله وإيانا- أن الله خلق البهائم لمنافع العباد وامتنانا عليهم .. فخلقها سميعة بصيرة ليبلغ الإنسان حاجته لأنها لو كانت عمياء صماء لم ينتفع بها الإنسان ولا وصل بها إلى شيء من مآربه. ثم منعت العقل والذهن حكمة من الله، لتذل للإنسان فلا تمتنع عليه إذا أكدها عند حاجته إلى إكدادها في الطحن وحمل الأثقال إلى غير ذلك .. أما ترى الحمار يذل للحمولة والطحن، والبعير لا يطيقه عدة رجال لو استعصى وينقاد لصبي صغير، والثور الشديد يذعن لصاحبه حتى يضع النير على عنقه ليستحرثه، والفرس تركب وتحمل عليها السيوف والأسنة في

<<  <   >  >>