للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمقتضى العقل، جعل هذا وجها من وجوه الإعجاز، وجعل هذه الطريقة دلالة فيه، كنحو ما يعللون به الصلاة ومعظم الفروض وأصولها. ولهم في كثير من تلك العلل طرق قريبة، ووجوه تستحسن.

وأصحابنا من أهل خراسان يولعون بذلك، ولكن الأصل الذي يبنون عليه، عندنا غير مستقيم. وفي ذلك كلام يأتي في كتابنا في الأصول.

وقد يمكن في تفاصيل ما أوردنا من المعاني الزيادة والإفراد، فإنا جمعنا بين أمور، وذكرنا المزية المتعلقة بها. وكل واحد من تلك الأمور مما قد يمكن اعتماده في إظهار الإعجاز فيه.

فإن قيل: فهل تزعمون أنه معجز، لأنه حكاية لكلام القديم سبحانه، أو لأنه عبارة عنه. أو لأنه قديم في نفسه؟.

قيل: لسنا نقول بأن الحروف قديمة، فكيف يصح التركيب على الفاسد؟ ولا نقول أيضا: إن وجه الإعجاز في نظم القرآن [من أجل] أنه حكاية عن كلام الله، لأنه لو كان كذلك لكانت التوراة والإنجيل وغيرهما من كتب الله عزّ وجلّ معجزات في النظم والتأليف. وقد بيّنا أن إعجازها في غير ذلك، وكذلك كان يجب أن تكون كل كلمة

مفردة معجزة بنفسها ومنفردها، وقد ثبت خلاف ذلك» (١).

[عبد القاهر الجرجاني ونظريته في إعجاز القرآن]

يعتبر أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني المتوفّى سنة ٤٧١ هـ، صاحب نظرية خاصة في البحث عن وجه إعجاز القرآن.

لم يخصص الجرجاني كتابا معينا يقصره على البحث في إعجاز


(١) إلى هنا ينتهي النقل من كتاب إعجاز القرآن للباقلاني وقد نقلناه بطوله لأنه يمثل خلاصة الكتاب وزبدته، وسائر الكتاب أمثلة وردود ومناقشات.
وقد حذفنا هوامش المحقق المتعلقة بالفروق بين النسخ، وأبقينا على التعليقات الأخرى للفائدة.

<<  <   >  >>