التوجيهات بصدد ما في الكون المسخر لمصلحة الإنسان فإن أهملنا فقد فرطنا في مئات الآيات التي تشدّنا إليها شدا. إلا أن هذا الشد وهذا التنبيه ينبغي أن نقف عند حدوده فلا نتجاوزه إلى البحث عن دقائق خصائص هذه الأمور الكونية أو الإنسانية أو الحيوانية أو النباتية، فنفصل القول في ذلك ونجعل تفاسير القرآن وكأنها كتب لهذه العلوم المختصة ولا نترك شاردة ولا واردة ولا نظرة مستحدثة إلا ونربطها بتفسير الآية الكريمة. إن هذا العمل يخرجنا عن حدّ الاعتدال، كما يخرج القرآن الكريم والتفسير- الذي هو بذل الجهد في بيان مراد الله من الآية- يخرج كل ذلك عن الهدف الأساسي وهو أن القرآن الكريم كتاب هداية، وأن تفاسيرنا ينبغي أن تكون لشرح وبيان الأساليب المستخدمة لتحقيق هذه الهداية.
[٣ - مرونة الأسلوب القرآني]
الأسلوب القرآني في الآيات مرن يقبل وجوها في التأويل فينبغي أن يكون معلوما لدينا أن القرآن الكريم عند ما يعرض القضايا الكونية أو الجوانب المادية أو المعنوية في الإنسان أو ما يحيط به، يستعمل أسلوبا مرنا يقبل وجوها للتأويل. فعند إرادة فهم الكلمة القرآنية أو العبارة القرآنية لا بد من الرجوع إلى دلالات الكلمة الحقيقية والمجازية، واستعمالاتها في اللغة العربية، لتكون المعاني التي تحتملها الكلمة واضحة في الذهن عند الإقدام على تفسيرها في هذا المجال.
[٤ - الحقائق العلمية مناط الاستدلال]
الاقتصار على الحقائق العلمية في صدد تفسير الآيات بأن نبعد عن الساحة الفرضيات والنظريات العلمية التي لم تصل إلى درجة الحقيقة العلمية، وينبغي عدم ذكر النظريات ولو من باب الاستئناس بها، لأن ربط نظرية قابلة للتغيّر والإبطال بتفسير آية قرآنية يورث شعورا معينا لدى القراء، وفي حال ظهور بطلان هذه النظرية فلن