للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنع من مماثلته .. ثم قال: وهذا برهان كان لا يحتاج إلى غيره (١).

يقول الشيخ محمد أبو زهرة تعليقا على كلام ابن حزم هذا: (ولئن كان كل من النّظّام والمرتضى متهما بنوع من التهمة في عقيدته، فالنظام قد اتّهم بالإلحاد والزندقة، والمرتضى اتّهم باطّلاعه على فلسفة المعتزلة وكلامهم، فإن ابن حزم لم يتّهم بشيء من ذلك، وإنما يفسر قوله بالصرفة تمشيا مع مبدئه في عدم جواز تعليل كلام الله وشرعه، فقد ألزم نفسه بالأخذ بظاهر النصوص من غير تعليل، فالاتجاه إلى تعليل الإعجاز الوارد في قوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا وغيرها من الآيات بأن السبب فيه بلاغته التي علت عن طاقة العرب والتي جعلتهم يخرّون صاغرين بين يديه من غير مراء ولا جدال، يعدّ هذا تعليلا، وهو من باب الرأي الذي ينفيه) (١).

٤ - وممن عرف بالقول بالصرفة ابن سنان الخفاجي المتوفى سنة (٤٦٦) هـ. يقول في كتابه «سر الفصاحة»: وإذا عدنا إلى التحقيق وجدنا وجه إعجاز القرآن صرف العرب عن معارضته، بأن سلبوا العلوم التي بها كانوا يتمكّنون من المعارضة في وقت مرامهم ذلك ... ومتى رجع الإنسان إلى نفسه، وكان معه أدنى معرفة بالتأليف المختار وجد في كلام العرب ما يضاهي القرآن في تأليفه) (٢).

[حقيقة القول بالصرفة]

قالوا: (لقد عرف العرب منذ جاهليتهم بفصاحة الكلم، فلهم القصيد الطويل والنثر البديع والرجز اللطيف والسجع الغريب، ولهم المعلقات، وقد كانت ندواتهم ومحافلهم تقام لمعرفة ما استجد من أفانين القول، فكيف يعجزون عن الإتيان بمثل أقصر سور القرآن بمثل سطر واحد لا تتجاوز كلماته العشرة، فإن ثبت عجزهم فليس ذاك إلا أن صارفا صرفهم عن


(١) نقلا عن كتاب «المعجزة الكبرى» لمحمد أبي زهرة، ص ٨٠.
(٢) «سر الفصاحة» للخفاجي ص ٨٩.

<<  <   >  >>