للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قلت: ما معنى الجمع بين «كم»، و «كل»، ولو قيل كم أنبتنا فيها من زوج كريم؟ قلت: قد دل «كلّ» على الإحاطة بأزواج النبات على سبيل التفصيل، و «كم» على أن هذا المحيط متكاثر مفرط الكثرة، فهذا معنى الجمع بينهما وبه نبّه على كمال قدرته ...

فإن قلت: فما معنى وصف الزوج بالكريم؟ قلت: يحتمل معنيين:

أحدهما أن النبات على نوعين نافع وضار، فذكر كثرة ما أنبت في الأرض، من جميع أصناف النبات النافع، وخلى ذكر الضار. والثاني أن يعم جميع النباتات نافعة وضارة ويصفهما جميعا بالكرم، وينبه على أنه ما أنبت شيئا إلا وفيه فائدة لأن الحكيم لا يفعل فعلا إلا لغرض صحيح ولحكمة بالغة وإن غفل عنها الغافلون ولم يتوصّل إلى معرفتها العاقلون.

فإن قلت: فحين ذكر الأزواج ودل عليها بكلمتي الكثرة والإحاطة وكانت بحيث لا يحصيها إلا عالم الغيب: كيف قال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً، وهلّا قال آيات؟ قلت: فيه وجهان. أن يكون ذلك مشارا به إلى مصدر أنبتنا فكأنه قال: إن في الإنبات لآية أيّ آية، وأن يراد أن في كل واحد من تلك الأزواج لآية) (١).


(١) «الكشاف» ٣/ ١٠٥.

<<  <   >  >>