للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حجره إذا منعه، لأن المستعيذ طالب من الله أن يمنع المكروه فلا يلحقه، فكان المعنى: أسأل الله أن يمنع ذلك منعا ويحجره حجرا، ومجيئه على فعل أو فعل في قراءة الحسن تصرف فيه لاختصاصه بموضع واحد كما كان قصدك وعمرك كذلك، وأنشدت لبعض الرجاز:

قالت وفيها حيدة وذعر ... عوذ بربي منكم وحجر

فإن قلت: فإذا ثبت أنه من باب المصادر فما معنى وصفه ب «محجورا»، قلت: جاءت هذه الصفة لتأييد معنى الحجر، كما قالوا ذيل ذائل والذيل الهوان، وموت مائت. والمعنى في الآية أنهم يطلبون نزول الملائكة ويقترحونه، وهم إذا رأوهم عند الموت أو يوم القيامة كرهوا لقاءهم وفزعوا منهم لأنهم لا يلقونهم إلا بما يكرهون، وقالوا عند رؤيتهم ما كانوا يقولونه عند لقاء العدو الموتور وشدة النازلة.

وقيل هو من قول الملائكة، ومعناه حراما محرّما عليكم الغفران والجنة والبشرى، أي جعل الله ذلك حراما عليكم) (١).

وفي قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩) [الشعراء: ٧ - ٩]، يقول الزمخشري: (وصف الزوج وهو الصنف من النبات بالكرم، والكريم صفة لكل ما يرضى ويحمد في بابه، ويقال وجه كريم إذا رضي في حسنه وجماله، وكتاب كريم مرضي في معانيه وفوائده. وقال: حتى يشق الصفوف من كرمه أي من كونه مرضيّا في شجاعته وبأسه، والنبات الكريم المرضي فيما يتعلق به من المنافع. إِنَّ فِي ذلِكَ إنبات تلك الأصناف لَآيَةً على أن منبتها قادر على إحياء الموتى، وقد علم الله أن أكثرهم مطبوع على قلوبهم غير مرجّو إيمانهم. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ في انتقامه من الكفرة الرَّحِيمُ لمن تاب وآمن وعمل صالحا.


(١) «الكشاف» للزمخشري، ٣/ ٨٨.

<<  <   >  >>