للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحجة عليهم وإظهار أن القرآن كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ليبشر به المؤمنين وينذر به قوما لدّا، ومن العسير أن تتذوق هذه الطوائف الجمال البياني وتدرك فصاحته وبلاغته لتعترف بالتالي أنه كلام الله المعجز ...

ولكنهم يدركون أن هذه المعارف الإنسانية وهذه الحقائق الكونية لا يتصوّر أن يدركها بشر من ذاته، لأن كثيرا منها لم تكتشف إلا في عصور متأخرة جدا بعد التقدم العلمي في العلوم الكونية وبعد اختراع آلات دقيقة لم يكن للسابقين عهد بها.

فإن ورود هذه الحقائق الضخمة والدقيقة في نفس الوقت على لسان رجل لم يكن له إلمام بمثل هذه العلوم دليل على أنه تلقّاها ممن يعلم السرّ في السماوات والأرض قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ٦ [الفرقان: ٦].

والمتتبع لآيات القرآن الكريم يجد أن مئات الآيات قد تحدثت عن سنن الله سبحانه وتعالى في هذا الكون ونظامه وألوان العناية الربانية بمخلوقاته فيه (١)، لذا كان لزاما على المهتمين بالدراسات القرآنية أن يولوا هذا الجانب اهتمامهم.

إلا أن دراسات سابقة اتجهت هذا الاتجاه (٢)، من غير ضوابط، على الرغم من حماس أصحابها وصدق مشاعرهم قد أدت إلى نتائج عكسية، مما جعل كثيرا من الناس يحملون على هذا الاتجاه حرصا منهم على إبعاد القرآن الكريم من مجال الإخضاع للنظريات العلمية المتقلّبة، أو التعسف في تأويل النصوص أو تحميلها ما لا تحتمل من الدلالات (٣).


(١) يقدر بعض الباحثين عدد الآيات التي تحدثت عن الكون (الآفاق والأنفس) بما يزيد عن: ٩٠٠ آية مبثوثة في ثنايا سور القرآن الكريم. انظر كتاب «القرآن والعلوم» للدكتور جمال الدين الفندي.
(٢) انظر على سبيل المثال: «تفسير الجواهر» للشيخ طنطاوي جوهري.
(٣) انظر كتابات بنت الشاطئ في هذا الخصوص.

<<  <   >  >>