للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - أن تنكير حياة يفيد تعظيما، فتدل على أن في القصاص حياة متطاولة كقوله: وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ [البقرة: ٩٦]. ولا كذلك المثل، فإن اللام فيه للجنس، ولذا فسروا الحياة فيها بالبقاء.

٤ - أن الآية مطردة بخلاف المثل، فإنه ليس كل قتل أنفى للقتل، بل قد يكون أدعى له، وهو القتل ظلما. وإنما ينفيه قتل خاص، وهو القصاص ففيه حياة أبدا.

٥ - أن الآية خالية من تكرار لفظ القتل الواقع في المثل، والخالي من تكرار أفضل من المشتمل وإن لم يكن مخلا بالفصاحة.

٦ - أن الآية مستغنية عن تقدير محذوف، بخلاف قولهم فإن فيه حذف (من) التي بعد أفعل التفضيل وما بعدها، وحذف (قصاصا) مع القتل الأول و (ظلما) مع القتل الثاني، والتقدير القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما من تركه.

٧ - أن في الآية طباقا معنويا، لأن القصاص مشعر بضد الحياة، بخلاف المثل.

٨ - أن الآية اشتملت على فن بديع، وهو جعل أحد الضدين الذي هو الفناء والموت، محلا ومكانا لضده، الذي هو الحياة، واستقرار الحياة في الموت مبالغة عظيمة، وذلك بجعل القصاص كالمنبع للحياة والمصرف لها، وذلك مستفاد من كلمة (في) الداخلة على القصاص.

٩ - أن في المثل توالي أسباب كبيرة خفيفة، وهو السكون بعد الحركة وذلك مستكره فإن اللفظ المنطوق به إذا توالت حركاته تمكن اللسان من النطق به، وظهرت فصاحته، بخلاف ما إذا تعقب كل حركة سكون، فالحركات تنقطع بالسكنات. نظيره إذا تحركت الدابة أدنى حركة فجثت، ثم تحركت فجثت لا يتبين انطلاقها ولا تتمكن من حركتها على ما تختاره، فهي كالمقيدة.

<<  <   >  >>