للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فدور الجبال يبرز في ترسية الأرض وتثبيتها من الميدان وهو الاضطراب فهي كالأوتاد التي تمسك الخيمة من الاضطراب والسقوط.

ويفسر العلم الحديث هذا الدور فيقول: تقرر الحقيقة العلمية القاطعة أن توزيع الجبال على الكرة الأرضية إنما قصد به حفظها من أن تميد إلى الشمس أو تحيد عنها، وأنها فعلا السبب الأول والرئيسي لحفظ توازن الأرض، فكأن الجبال هي أوتاد للأرض تحفظها في مكانها وتحفظ عليها حركتها (١).

والحقيقة العلمية التي ذكرها القرآن الكريم في دور الجبال في حفظ توازن الأرض من الاضطراب والميدان وأنها كالأوتاد: وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ [الحجر: ١٩] أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً (٦) وَالْجِبالَ أَوْتاداً (٧) [النبأ: ٦ - ٧].

هذه الحقيقة أدركها علماء طبقات الأرض (الجيولوجيا) في العصر الحديث، ولنسمع ما يقوله أهل الاختصاص في هذا الشأن:

لو كانت الأرض بحجمها الحالي مكونة من الماء لبلغ وزنها خمس ما هي عليه ولما أمكنها حفظ نسبة بعدها عن الشمس بل لانجذبت إليها، ولو كانت مكونة كلها من اليابس لبلغ ضعف ما هي عليه ولبعدت عن الشمس البعد الذي لا تتحقق معه الحياة.

ولا تقف الدراسات عند هذا الحد، بل وصلت إلى مزايا للجبال ودورها في القشرة الأرضية نفسها، فلكل قارة جبالها التي تتميز بها، وهناك سلسلة من الجبال موزعة على سطح الأرض توزيعا دقيقا محكما، وارتفاع الجبل يتناسب ومكانه من الكرة الأرضية، ونوع الصخور المكونة له وطبيعة الأرض من حوله.

والجبال الثقيلة يتكون أسفلها من مواد هشة خفيفة، وتحت المياه


(١) «من الآيات العلمية» لعبد الرزاق نوفل، ص ٥٦، ٥٧.

<<  <   >  >>