للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الكلمات المذكورة تفيد إطلاق ماء البحرين فيختلطان، ولكن لا يتجاوز ماء أحدهما على ماء الآخر.

ولقد توصل العلم الحديث إلى صور شتى وحالات متعددة لا يتجاوز فيها ماء أحد البحرين على الآخر ولا يتعدى الحاجز الموضوع للفصل بينهما. فمن هذه الصور قالوا:

١ - إن دورة المياه في الكون والتي تبدأ بتبخر كميات هائلة من سطح المحيطات وتتكون منها السحب وتنزل على اليابسة مطرا ينبت به الزرع وتحيى الأرض بعد موتها، وهذه المياه كميات لا يستهان بها وهي مياه عذبة، فارتفاعها من المحيطات لا يزيد من نسبة ملوحة المياه في البحر وتبقى نسبة الملوحة كما هي، كما أن الأمطار التي تشكل السيول والأنهار تصب ثانية في البحار والمحيطات حاملة معها ملوحة الأرض وشيئا من المعادن والأتربة لا يجعلها تطغى على البحر بل يبقى البحر ملحا أجاجا بنسبة واحدة.

٢ - وقالوا: إن مستوى سطح الأنهار أعلى في العادة من مستوى سطح البحر، ومن ثم لا يبغي البحر على الأنهار التي تصب فيه، ويغير مجاريها بمائه الملح فيحولها عن وظيفتها ويبغي على طبيعتها، وبينهما دائما هذا البرزخ من صنع الله فلا يبغيان.

٣ - ويقرر علماء البحار أن الأنهار الضخمة تشكل عند مصباتها أشبه ما يكون ببحيرات خاصة، لها خواصها من حيث المذاق فليست هي بالمياه العذبة كمياه النهر، وليست بالمياه المالحة الأجاج كما هي الحال في مياه البحر، وهذه المنطقة تعيش فيها الكائنات الحية التي لا تستطيع الخروج إلى مياه البحر لعدم ملاءمة البيئة لها فتهلك، ولا تستطيع الخروج إلى مياه النهر لعدم إمكان العيش فيها أيضا. فهذه المنطقة حجر محجور، يحجر كائناته الخاصة وطبيعة مياهه عن الاختلاط بغيره، ومحجور عن المياه الأخرى، فسبحان الذي جعل بين البحرين برزخا وحجرا محجورا.

<<  <   >  >>