للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الخلق كافة، إن هذا الكلام كلام رب العالمين، وإن الرسول الذي أرسل به يبلّغ عن ربه، وإن الأوامر والنواهي التي يحملها هي سبيل النجاة.

وكذلك الشأن في جميع معجزات الأنبياء السابقين، هو إبراز صدق من ظهرت على يديه، ليؤمن بهم الناس ويتبعوهم، وذلك لأن بعثة النبي لا تصح من غير أن يؤتى دلالة ويؤيّد بآية، لأنه لا يتميز من الكاذب بصورته، ولا بقول نفسه ولا بشيء آخر، سوى البرهان الذي يظهر على يديه فيستدلّ به على صدقه، وأنه مبلّغ عن الله سبحانه وتعالى (١) وإصدار الله لها عند ذلك يعدّ تأييدا منه له في تلك الدعوى، ومن المحال على الله سبحانه وتعالى أن يؤيد الكاذب. فإن تأييد الكاذب تصديق له، وتصديق الكاذب كذب، وهو محال على الله سبحانه وتعالى، فمتى ظهرت المعجزة وهي مما لا يقدر عليه البشر، وقارن ظهورها دعوى النبوة، علم بالضرورة أن الله ما أظهرها إلا تصديقا لمن ظهرت على يديه، وإن كان هذا العلم قد يقارنه الإنكار مكابرة (٢)، ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠) [آل عمران: ٧٩، ٨٠].


(١) «إعجاز القرآن» للباقلاني، ص ٦٣.
(٢) «رسالة التوحيد» للشيخ محمد عبده، ص ٨٦.

<<  <   >  >>