للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان أبو بكر الصديق، رضي الله عنه، إذا أغزى جيوشه عرّفهم ما وعدهم الله، من إظهار دينه، ليثقوا بالنصر ويستيقنوا بالنجح.

وكان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يفعل كذلك في أيامه، حتى وقف أصحاب جيوشه عليه، فكان سعد بن أبي وقاص، رحمه الله، وغيره من أمراء الجيوش، من جهته، يذكر ذلك لأصحابه، ويحرّضهم به، ويوثق لهم؛ وكانوا يلقّون الظفر في متوجّهاتهم، حتى فتح إلى آخر أيام عمر، رضي الله عنه، إلى بلخ، وبلاد الهند، وفتح في أيامه مرو الشاهجان، ومروالرّوذ، ومنعهم من العبور إلى جيحون، وكذلك فتح في أيامه فارس إلى إصطخر، وكرمان، ومكران، وسجستان، وجميع ما كان من مملكة كسرى، وكل ما كان يملكه ملوك فارس، بين البحرين من الفرات إلى جيحون، وأزال ملك ملوك الفرس، فلم يعد إلى اليوم ولا يعود أبدا، إن شاء الله تعالى، ثم إلى حدود إرمينية، وإلى باب الأبواب. وفتح أيضا ناحية الشام، والأردنّ، وفلسطين، وفسطاط مصر، وأزال ملك قيصر عنها، وذلك من الفرات إلى بحر مصر، وهو ملك قيصر. وغزت الخيول في أيامه إلى عمّورية، فأخذ الضواحي كلها، ولم يبق منها إلا ما حجز دونه بحر، أو حال عنه جبل منيع، أو أرض خشنة، أو بادية غير مسلوكة.

وقال الله عزّ وجلّ: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢) [آل عمران: ١٢]، فصدق فيه.

وقال في أهل بدر: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ [الأنفال: ٧]، ووفى لهم بما وعد.

وجميع الآيات التي يتضمنها القرآن، من الإخبار عن الغيوب، يكثر جدّا، وإنما أردنا أن ننبه بالبعض على الكل.

والوجه الثاني: أنه كان معلوما من حال النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان أميّا لا يكتب، ولا يحسن أن يقرأ.

<<  <   >  >>