للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


فهو موافق لهما في عدم سقوط القيام من المقتدي الصحيح بمتابعة إمامه ومخالف في جواز اقتداء القائم بالقاعد، كيف ولو كان القيام عنده يسقط عن القاعد بمتابعة الإمام لما خلفهما في جواز اقتدائه بالمريض، بل قال بجوازه مع سقوط القيام كما قال به أحمد وغيره. إذا عرفت هذا، فنقول: معنى قوله ههنا وقد جاء ما قد نسخه أنه قد روي ما قد نسخ ما استفيد بالحديث السابق من جواز اقتداء القادر بالمعذور الجالس وسقوط القيام عن القادر وهو حديث: "لا يَؤُمَّنَّ الناسَ أحدٌ بعدي جالساً"، فإنه يدل على منع إمامة المعذور الجالس لغيره وإنه خصوصية له صلى الله عليه وسلم، ويدل أيضاً على عدم سقوط القيام عن المقتدي بمتابعة إمامه، فإنه لو كان كذلك لما كان للمنع وجه، ويدل على ما ذكرنا أنه جعل الناسخ هذا الحديث الدالّ على عدم جواز إمامة المعذور ليكون موافقاً لمذهبه، ولو كان مقصوده نسخَ سقوط القيام فحسب مع جواز الاقتداء لاستدل بخبر الصلاة النبوية في مرض وفاته، وقد تسامح القاري حيث فهم التنافي بين كلام محمد ههنا وبين ما في عامّة الكتب، فقال بعد ما نقل عن "شرح مختصر الوقاية" للشُمُنِّي ما يدلّ على الخلاف: وفي "الهداية": يصلِّي القائم خلف القاعد خلافاً لمحمد، فهذا يدلّ على أن محمداً مخالف في المسألة وعبارة محمد مشيرة إلى أنه موافق، ولعلَّ منه روايتين، أو مراده بالنسخ نسخ وجوب قعود المأمومين من غير عذر مع الإمام قاعداً بعذر، فإن الإجماع على خلافه. انتهى كلامه. ومنشأ فهمه أنه رأي ههنا أن محمداً قائل بنسخ الحديث السابق، وهما أيضاً يقولان به، ففهم أنه موافق لهما وليس كذلك، فإنهما قائلان بنسخ سقوط القيام عن المأموم القادر مع جواز اقتدائه بالمعذور القاعد، ومحمد قائل بنسخ جواز الاقتداء المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم: "وإن صلّى قاعداً فصلّوا قعوداً"، أيضاً، كيف لا، ولو كان مراده نسخ سقوط القيام فحسب على طبق قولهما لما صحَّ الاستدلال بالحديث الذي ذكره، فإنه يدل على عدم صحة إمامة الجالس بعده صلى الله عليه وسلم، وهو مخالف لقولهما. وبالجملة فكون عبارة محمد ههنا مشيرة إلى الموافقة غير صحيح، وأما ما وجَّهه به من أن المراد به نسخ وجوب قعود المأمومين لكونه خلاف

<<  <  ج: ص:  >  >>