ولنا حديث الإبراد رواه جماعة من الصحابة، فأخرجه البخاري ومسلم ومالك وغيرهم من حديث أبي هريرة، والطبراني من حديث عمرو بن عقبة، والبخاري من حديث أبي سعيد، وأحمد وابن ماجه والطحاوي من حديث المغيرة، وابن خزيمة من حديث عائشة، وروى البزّار من حديث ابن عباس، والبخاري من حديث أنس إبرادَ النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً. وروى الطحاويّ عن ابن عمر أنَّ عمر قال لأبي محذورة بمكة: أنت بأرضٍ حارَّة شديدة الحر، فأبرِد. والكلام في هذا البحث طويل، فمنهم من أمال حديث الإبراد إلى حديث خباب، ومنهم من عكس، وكل منهما ليس بذلك، ومال الطحاوي إلى نسخ التعجيل لما رواه عن المغيرة: صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر بالهجير، ثم قال: إن شدة الحر من فيح جهنم، فأبردوا بالصلاة. والقدر المحقق أن الترغيب إلى الإبراد ثابت قولاً، ومؤيَّد فعلاً وأثراً، والتعجيل ليس كذلك (قال ابن قدامة في "المغني" ١/٣٨٩: ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر في غير الحرّ والغيم خلافاً، قال الترمذي: وهو الذي اختاره أهل العلم من أصحابه صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، وأما في شدة الحرّ، فكلام الخرقي يقتضي استحباب الإبراد على كل حال، وهو ظاهر كلام أحمد، وهو قول إسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال القاضي: إنما يُستحب الإبراد بثلاثة شروط: شدة الحر وأن يكون في البلدان الحارة ومساجد الجماعات، فأما من صلاّها في بيته أو مسجد في فناء بيته فالأفضل تعجيلها، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله. انتهى مختصراً من أوجز المسالك ١/١٨٥) . (١) هو الزهري.