الفائدة العاشرة: في نشر مآثر الإِمام محمد وشيخيه أبي يوسف وأبي حنيفة:
- وهم المراد بأئمتنا الثلاثة في كتب أصحابنا الحنفية، ويعرف الأوّلان بالصاحبين، والثانيان بالشيخين، والأول والثالث بالطرفين، وقد ذكرت تراجمهم في كثير من الرسائل، كمقدمة الهداية، ومقدمة الجامع الصغير، وطبقات الحنفية، وغيرها، والآن نذكر قدراً ضرورياً منها.
- أما محمد، فهو أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد الشيباني (انظر ترجمته في: وفيات الأعيان ١/٥٧٤، تهذيب الأسماء واللغات ١/٨٠، البداية والنهاية ١/٢٠٢، الكامل في التاريخ ٦/١٤، طبقات الفقهاء للشيرازي ١١٤، تاريخ بغداد ٢/١٧٢ - ١٨٢، الفوائد البهية ١٦٣) نسبة ولاء إلى شيبان، بفتح الشين المعجمة، قبيلة معروفة، الكوفي، صاحب الإمام أبي حنيفة، أصله من دمشق، من أهل قرية يُقال لها حَرسَتا، بفتح الحاء المهملة وسكون الراء المهملة وفتح السين المهملة، قدم أبوه العراق، فوُلد له محمد بواسط، ونشأ بالكوفة، وتلمذ لأبي حنيفة، وسمع الحديث عن مسعر بن كدام، وسفيان الثوري، وعمرو بن دينار، ومالك بن مغول، والإمام مالك بن أنس، والأَوزاعي، وربيعة بن صالح، وبكير، والقاضي أبي يوسف، وسكن بغداد وحدّث بها، وروى عنه الإمام الشافعي محمد بن إدريس، وأبو سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني، وهشام بن عبيد الله الرازي، وأبو عبيد القاسم بن سلاّم، وعلي بن مسلم الطوسي، وأبو حفص الكبير، وخلف بن أيوب. وكان الرشيد ولاّه القضاء بالرقة، فصنف كتاباً مسمّى بالرقيات، ثم عزله، وقدم بغداد، فلما خرج هارون الرشيد إلى الري الخرجة الأولى، أمره، فخرج معه، فمات بالري، سنة تسع وثمانين ومائة. وحُكي عنه أنه قال: مات أبي، وترك ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشرة ألفاً على النحو والشعر، وخمسة عشر ألفاً على الحديث والفقه، وقال الشافعي: ما رأيت سميناً أخف روحا من محمد بن الحسن، وما رأيت أفصح منه، كنت أظنّ إذا رأيتُه يقرأ القرآن كأن القرآن نزل بلغته، وقال أيضاً: ما رأيت أعقل من محمد بن الحسن، وروي عنه أن رجلاً سأله عن مسألة فأجابه،