القلم، دون تردُّد أو تعثُّر، أو وهنِ ذهنٍ أو عبارة أو تكدُّر، أو فُتورِ بيان، فأنفاسُهم وخواطرهم تحمِلُ العلم مستقيماً، وأقلامُهم تستقبله كذلك فيَخرجُ عَسَلاً مصفَّى، وتأليفاً قويماً، ذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء، والإمام اللَّكْنَويُّ الشابُّ منهم، جزاهم الله عن العلم والدين والمسلمين خيرَ الجزاء.
أهميةُ طبع كتاب التعليق الممجد:
- هذا الكتاب العظيم والشرح الجليل أحَدُ الكتب الكبار التي ألَّفها الإمامُ عبد الحيّ اللَّكنوي، من كتبه الكثيرة البالغة ١١٥ كتاب، وقد بدأ بتأليفه أواخر سنة ١٢٩٢، وكانت سنه ٢٧ سنة، ثم اعترضَتْهُ أسفار وأعراض وأشغال، فأتمَّ تأليفَه في شعبانِ سنة ١٢٩٥.
فهي موهبة عجيبة، وقُدرة غريبة، أن يتسنم كتابَ الموطأ شابٌّ هنديٌّ اللغةِ والدارِ في هذه السن، وقد ضمَّنه زاهي علمه وأرقى معرفته في الحديث الشريف وعلومه، وفي الفقه الحنفي والمذاهب الأخرى وسائر ما يتصل بذلك من العلوم من بعيد أو من قريب، فجاء هذا الكتاب درة فريدة من درر العم، وجوهرةً نفيسة من أنفس الجواهر.
وسيجدُ القارئ المطالع فيه المزايا التي تميَّز بها الإمامُ اللكنوي وأشرتُ إليها قريباً، وسيُدهَشُ من قُوَّةِ ملكته ناصية التحقيق والتدقيق، والضبطِ والإتقان، ومناقشة المذاهب والآراء، والترجيح والتضعيف، والتجرُّد والإنصاف، دُونَ ليٍّ للنصوصِ ولا اعتساف.
هذا الكتاب النفيس طُبح أكثر من خمس مرات في الهند وباكستان، الطباعة الهندية الحجرية، ذات الحواشي الغواشي! والسطورِ المنمنمة، والعبارات المستديرة على جوانب الصفحة الثلاث، والعبارات القصيرة المتداخلة بين السطور، لضبط اسم أو كلمة، أو بيان عطفٍ على معطوف أو إعراب، أو لغة أو رواية، أو اختلاف فيها أو ما إلى ذلك. وبعضُ هذه العبارات القصيرة كُتبَتْ تحت السطر على امتداده ومستواه، وبعضها كُتبَتْ فوق السطر مقلوبة عليه مع قرب السطور وتداخل الكلمات، كما يراه القارئ المتأمل في الصورة المأخوذة عن النسخة المطبوعة في هذه التقدمة، فصارت قراءتُه - مع نفاسة مضمونه في كل جملة شارحة، أو تعليقةٍ موضَّحة - عسيرةً، لا يَصبرُ عليها إلا سادتُنا ومشايخثنا العلماءُ الهنود والباكستانيون، الذي ألِفوا هذه الطريقة في الطباعة الحجرية،