للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَاءَ (١) غَيْرُهُ فأَحَبُّ (٢) إِلَيْنَا أَنْ يصلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا (٣) مَا بَدَا لَهُ، فَإِذَا بَلَغَ الْوِتْرَ نَزَلَ فَأَوْتَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (٤) ، وهو قول أبي حنيفة والعامَّة من فقهائنا (٥) .

٧٨ - (بَابُ تَأْخِيرِ الْوِتْرِ)

٢٥٣ - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ (٦) : أَنَّهُ سَمِعَ عبدَ اللَّهِ (٧) بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ يَقُولُ: إِنِّي لأُوتِرُ وأنا أسمع الإقامة


مستدلاًّ بأنّ الروايات المشهورة في الصحيحين وغيرهما، عن عائشة مع رواية خلائق من الصحابة شاهدة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلَّم كان الوتر، وفي "الصحيحين" أحاديث بالأمر بجعل آخر صلاة الليل وتراً منها حديث: "اجعلوا آخر صلاتكم وتراً"، فكيف يُظَنُّ به صلى الله عليه وسلَّم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه كان يداوم على الركعتين بعد الوتر، ويجعلهما آخر الليل وإنما معناه هو بيان الجواز انتهى كلامه (انظر شرح مسلم للنووي ٢/٣٩٢ باب صلاة الليل والوتر) . وأما الركعتان بعد الوتر فأنكرهما مالك وقال لا أصليهما ولم يثبت فيهما شيء عن أبي حنيفة والشافعي وقال أحمد لا أفعله ولا أمنع من فعله وذكر النووي الجواز فقط لأجل ورودهما في الحديث وقال ابن القيم الصواب أن يقال إن هاتيت الركعتين تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر فإن الوتر عبادة مستقلة (انظر فتح الملهم ٢/٢٩٤) ثم قال: وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة وردَّ رواية الركعتين جالساً فليس بصواب، لأن الأحاديث إذا صحَّت وأمكن الجمع بينها تعيَّن ذلك. انتهى.
(١) قوله: لا ينقض، لقوله صلى الله عليه وسلَّم: "لا وتران في ليلة"، أخرجه النسائي وابن خزيمة وغيرهما، قال ابن حجر: إسناده حسن.
(٢) قوله: أبي حنيفة، وقد وافقه في عدم نقض الوتر مالك، والأوزاعي، والشافعي وأحمد، وأبو ثور، وعلقمة وأبو مجلز، وطاووس، والنخعي، قاله ابن عبد البر.
(١) قوله: وجاء غيره، وهو أنه صلى الله عليه وسلَّم كان ينزل للوتر كما مرَّ في (باب الصلاة على الدابة في السفر) .
(٢) قوله: فأحب إلينا ... إلخ، كأنه يُشير إلى أن الروايات لمّا اختلفت في النزول للوتر وعدم نزوله فالاحتياط هو اختيار النزول، وفي هذه العبارة إشارة إلى أنه لا سبيل إلى ردّ رواية عدم النزول وهجرانه بالكلية ودعوى عدم ثبوت ذلك، وإنما اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا.
(٣) من النوافل والسنن.
(٤) قوله: وعبد الله بن عمر، أقول: نسبة ذلك إلى ابن عمر مما يُتكلَّمُ فيه، فإنه قد ورد عنه النزول وعدم النزول كلاهما، بل ورد عنه الزجر على من نزل للوتر، والاهتداء بأن الاقتداء الكامل بالنبي صلى الله عليه وسلَّم هو في عدم النزول كما مرَّ ذكرُ ذلك في (باب الصلاة على الدابة) ، فالظاهر أنَّ مذهبه جواز النزول وترجيح عدم النزول،
(٥) أي: أهل الكوفة.
(٦) ابن محمد بن أبي بكر.
(٧) هو أبو محمد المدني الصحابي، مات سنة خمس وثمانين، كذا في "الإسعاف" وقد مرَّ نُبَذ من حاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>