بأبي حنيفة فلا يحسن، لأن أبا حنيفة لم يثبت روايته عن مالكك، وإنما أوردها الدارقطني ثم الخطيب لروايتين وقعتا لهما عنه، بإسنادين فيهما مقال، وأيضاً فإن رواية أبي حنيفة عن مالك إنما هي فيما ذكره في المذاكرة، ولم يقصد الرواية عنه كالشافعي الذي لازمه مدة طويلة، وقرأ عليه الموطأ بنفسه. وأما اعتراضه بابن وهب والقَعنَبي (ينسب إلى جده قعنب - بفتح القاف وسكون العين وفتح النون - وهو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة، أحد رواة الموطّأ عن مالك، توفي بالبصرة سنة ٢٢١ هـ) ، فلا شك أن الشافعي أعلم منهما، وقال غير واحد: إن ابن وهب غير جيد التحمُّل، فيحتاج إلى صحة النقل عن أهل الحديث أنه كان أتقن الرواية عن مالك، نعم كان كثير اللزوم به. انتهى ملخّصاً. وقيل: أصح الأسانيد شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب يعني عن شيوخه، وقيل: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عائشة، ذكره الخطيب عن ابن معين، وقيل يحيى بن أبي كثير بن أبي سلمة عن أبي هريرة، قاله سليمان بن داود الشاذكوني، وقيل: أيوب عن نافع عن ابن عمر، رواه خلف بن هشام البزار عن أحمد، وقيل: شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة عن أبي موسى الأشعري نقله الخطيب عن وكيع، وقيل: سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود، قاله ابن مبارك والعجلي. هذا ما في "تدريب السيوطي"(انظر تدريب الراوي ص ٧٤ - ٧٧) و "شرح شرح نخبة الفكر" لملاّ أكرم السندي (ص ٥٠ - ٥١) . وفي المقام تفصيل ليس هذا موضع ذكره.
الفائدة السادسة: قال السيوطي: في "تنوير الحوالك"(ص ١/١٠ - ١٢) : الرواة عن مالك فيهم كثرة جداً بحيث لا يعرف لأحد من الأئمة رواة كرواته، وقد أفرد الحافظ أبو بكر الخطيب كتاباً في الرواة عن مالك، أورد فيه ألف رجل إلا سبعة، وذكر القاضي عياض أنه ألف في رواته كتاباً، وذكر فيه نيفاً على ألف اسم وثلاثمائة، وأما الذين رووا عنه الموطّأ، فعقد لهم القاضي في المدارك باباً، وسمّى منهم غير الأربعة المشهورين -