الفائدة الخامسة: من فضائل الموطّأ اشتماله كثيراً على الأسانيد التى حكم المحدثون عليها بالأصحية.
- وقد اختلف فيه، فقيل: أصح الأسانيد ما رواه محمد بن مسلم بن عبد الله بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر، عن أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهذا مذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، صرّح به ابن الصلاح، وقيل: أصحّها محمد بن سيرين، عن عبيدة بن عمرو السّلماني، عن علي بن أبي طالب، قاله علي بن المديني، وعمرو ابن علي الفلاّس. وقيل إبراهيم النخعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قاله يحيى بن معين والنسائي. وقيل: الزهري عن زين العابدين علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب حكاه ابن الصلاح عن أبي بكرٍ بن أبي شيبة، والعراقي عن عبد الرازق، وقيل مالك عن نافع، عن ابن عمر، وهذا قول البخاري، وبه صدق العراقي كلامه وهو أمر تميل إليه النفوس، وتنجذب إليه القلوب، وبناءً على هذا قال أبو منصور عبد القاهر التميمي البغدادي: إن أجل الأسانيد: الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر، لأنه لم يكن في الرواه عن مالك أجل من الشافعي، (انظر مقدمة ابن الصلاح ص ٨٦، طبع بتحقيق الدكتور عائشة عبد الرحمن على هامشها محاسن الاصطلاح) . وبنى عليه بعضهم أن أجلَّها أحمد بن حنبل عن الشافعي عن مالك عن نافع عن إبن عمر، لكون أحمد أجلَّ من أخذ عن الشافعي، وتسمى هذه الترجمة سلسلة الذهب. وتعقب الحافظ مغلطاي أبا منصور التميمي في ذكره الشافعي، برواية أبي حنيفة، عن مالك إن نظرنا إلى الجلالة، وابن وهب والقَعْنَبِي إن نظرنا إلى الإتقان، وقال البلقيني في "محاسن الإصطلاح"(ص ٨٦) : أما أبو حنيفة، فهو وإن روى عن مالك كما ذكره الدارقطني، لكن لم تشتهر روايته عنه كاشتهار رواية الشافعي، وقال العراقي: رواية أبي حنيفة عن مالك فيما ذكره الدارقطني في (غرائبه) ليست من روايته عن نافع ابن عمر، والمسألة مفروضة في ذلك، نعم ذكر الخطيب حديثا كذلك في روايته عن مالك، وقال الحافظ ابن حجر: أما اعتراضه