ولإبن الهمام في "فتح القدير"(٣/١٨٦) حاشية الهداية كلام في هذا المقام، لكنه مدفوع بعد دقة النظر عند الأعلام، وتفصيل هذا البحث مذكور في شروح الألفية وشروح شرح النخبة ودراسات اللبيب في الأسوة الحسنة بالحبيب، وجوابه على ما في "فتح المغيث شرح ألفية الحديث" للسخاوي (هو شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي: نسبة إلى سخا قرية من أعمال مصر، تلميذ الحافظ ابن حجر، المتوفى سنة ٩٠٢ هـ بالمدينة المنورة. (ش)) ، و"تدريب الراوي شرح تقريب النواوي" للسيوطي، وغيرهما أن قول الشافعي كان قبل وجود كتاب البخاري ومسلم (فتح المغيث ١/٢٧، وتدريب الراوي ١/٩١) . وقال الحافظ ابن حجر في مقدمة " فتح الباري"(ص ١٠) نقلاً عن"مقدمة ابن الصلاح": أما ما روينا عن الشافعي أنه قال: ما أعلم في الأرض كتاباً في العلم أكثر صوابا من كتاب مالك، ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ أصح من الموطّأ، فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم، ثم أن كتاب البخاري أصح الكتابين، وأكثرهما فوائد. انتهى. وقال أيضاً: قد استشكل بعض الأئمة إطلاق تفضيل البخاري على كتاب مالك مع اشتراكهما في اشتراط الصحة والتثبّت والمبالغة في التحري، وكون البخاري أكثر حديثاً لا يلزم منه أفضلية الصحة، والجواب عن ذلك أن ذلك محمول على شرائط الصحة، فمالك لا يرى الانقطاع في الإسناد قادحاً، فلذلك يخرج المراسيل والمنقطعات والبلاغات في أصل موضوع كتابه، البخاري يرى أن الانقطاع علّة، فلا يخرج ما هذا سبيله إلا في غير أصل موضوع كتابه، كالتعليقات والتراجم، ولا شك أن المنقطع وإن كان عند قوم مما يحتج به فالمتصل أقوى منه إذا اشترك رواتهما في العدالة والحفظ، فبان بذلك فضيلة صحيح البخاري، واعلم أن الشافعي إنما أطلق على الموطّأ فضيلة الصحة بالنسبة إلى الجوامع الموجودة في زمانه، كجامع سفيان الثوري ومصنف حماد بن سلمة وغير ذلك، وهو تفضيل مسلم لا نزاع فيه. انتهى.