للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٢ - (بَابُ مَنْ أَدْرَكَ (١) عَرَفَةَ (٢) لَيْلَةَ (٣) الْمُزْدَلِفَةِ)

٥٠٩ - أَخْبَرَنَا مالك، أخبرنا نافع، أن عبد الله بن عمر كان


الحديث في "باب المحرم يُغطَّى وجهه"، وبه قالت الشافعية وغيرهم (وأحمد وإسحاق وأهل الظاهر في أن المحرم على إحرامه بعد الموت، كذا في الأوجز ٦/١٩٣) . وهو الأرجح نقلاً، وأجاب العيني والزرقاني وغيرهما من الحنفية والمالكية عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لعله عرف بالوحي بقاء إحرامه بعد موته، فهو خاص بذلك الرجل وبأنه واقعة حال لا عموم لها، وبأنه علَّله بقوله: فإنه يُبعث ملبِّياً، وهذا الأمر لا يتحقَّق في غيره وجوده فيكون خاصّاً به ولا يخفى على المنصف أن هذا كله تعسف، فإن البعث ملبيّاً ليس بخاصّ به، بل هو عام في كل محرم حيث ورد: يُبعث كلُّ عبد على ما مات عليه، أخرجه مسلم. وورد من مات على مرتبة من هذه المراتب بُعث عليها يوم القيامة، أخرجه الحاكم. وورد أن المؤذِّن يُبعث وهو يؤذِّن، والملبِّي يُبعث وهو يلبي، أخرجه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب". وورد غير ذلك مما يدل عليه أيضاً كما بسطه السيوطي في "البدور السافرة في أحوال الآخرة". فهذا التعليل لا دلالة له على الاختصاص، وإنما عَلَّل به لأنه لمّا حَكَمَ بعدم التخمير المخالف لسنن الموتى نَبَّه على حكمه فيه، وهو أنه يُبعث ملبِّياً فينبغي إبقاؤه على صورة الملبّين. واحتمال الاختصاص بالوحي مجرَّدُ احتمال لا يُسمع، وكونه واقعة حال لا عموم لها إنما يصح إذا لم يكن فيه تعليل، وأما إذا وُجد وهو عام فيكون الحكم عامّاً، والجواب عن أثر ابن عمر يحتمل أن يكون لم يبلغه الحديث، ويحتمل أن يكون بلغه وحمله على الأولويَّة وجوَّز التخمير. ولعل هذا هو الذي لا يتجاوز الحق عنه.
(١) أي وصل إليها.
(٢) في نسخة: عرفات.
(٣) أي في الليلة يقام فيها بمزدلفة، وهي ليلة العيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>