وأما ما ورد أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قاء فأفطر، فمعناه: ضعف وكان الصوم تطوعاً فأفطر عمداً، ذكره الطحاوي (شرح معاني الآثار ١/٣٤٨. ثم إن كون القيء غير مفطر وكون الاستقاء مفطر وعليه القضاء هو مذهب الأئمة الأربعة، كما في "عمدة القاري" ٦/٣٦) . ويعضده ما أخرجه ابن ماجه عن فضالة بن عبيد الأنصاري أن النبي صلّى الله عليه وسلّم خرج عليهم في يوم كان يصومه، فدعا بإناء فشرب، فقلنا: يا رسول الله إنَّ هذا يومٌ كنت تصومه! قال: أجل، ولكني قِئْتُ. (١) قوله: كان لا يصوم في السفر، لأنه كان يرى أن الصوم في السفر لا يجزئ، لأن الفطر عزيمة من الله، وبه قال أبوه عمر، وأبو هريرة، وعبد الرحمن بن عوف، وقوم من أهل الظاهر، ويردّه أحاديث الباب، قاله ابن عبد البَرّ. واحتجوا لذلك أيضاً بحديث الصحيحين أنه صلّى الله عليه وسلّم كان في سفر - أي غزوة الفتح كما في الترمذي - فرأى زحاماً ورجلاً قد ظُلِّل عليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: صائم، فقال: ليس من البر الصوم في السفر - ولفظ مسلم: ليس البر أن تصوموا في السفر - وزاد بعض الرواة: عليكم برخصة الله التي رَخّص لكم، وروايته على لغة حمير في "مسند أحمد" قال ابن عبد البر: ولا حجة فيه لأنه عامّ، خرج على سبب، فإن قُصر عليه لم تقم به حجة، وإلا حُمل على من حالُه مثل حال الرجل وبلغ ذلك المبلغ