وفي "الهداية وشرحه البناية" للعيني: ويصلي القائم خلف القاعد عند أبي حنيفة وأبي يوسف، والمراد من القاعد الذي يركع ويسجد، أما القاعد الذي يومئ فلا يجوز اقتداء القائم به اتفاقاً، وبه قال الشافعي ومالك في رواية استحساناً، وقال أحمد والأوزاعي: يصلون خلفه قعوداً، وبه قال حماد بن زيد وإسحاق وابن المنذر: وهو المروي عن أربعة من الصحابة، لكن عند أحمد بشرطين: الأول أن يكون المريض إمام حيّ، والثاني أن يكون المرض مما يُرجى زواله بخلاف الزمانة. واحتجوا على ذلك بحديث أنس مرفوعاً: "إنما جُعل الإمام ليؤتمّ به" الحديث، وقال محمد: لا يجوز وبه قال مالك في رواية ابن القاسم عنه قياساً، أشار إليه بقوله: وهو القياس لقوة حال القائم، فيكون اقتداء كاملِ الحال بناقص الحال فلا يجوز كاقتداء القارئ بالأميّ ونحن تركناه بالنص وهو ماروي أنه صلى الله عليه وسلم صلّى آخر صلاته قاعداً والقومُ خلفه قيام. وفي كلام البخاري ما يقتضي الميلَ إلى أن حديث: "وإذا صلّى جالساً فصلّوا جلوساً" منسوخ، فإنه قال بعد ما رواه قال الحميدي: هذا منسوخ بأنه عليه السلام آخِر ما صلّى صلّى قاعداً والناس خلفه قيام، وإنما يؤخذ بالآخر من فعله. انتهى ملخصاً. وهذه العبارات وغيرها من كلمات الفقهاء الأثبات دالَّة صريحاً على أن محمداً مخالفٌ لهما في هذه المسألة، فعندهما اقتداء الصحيح بالمريض القاعد جائز قياماً ولا يجوز له القعود أخذاً من الصلاة النبوية في آخر عمره وقولاً بنسخ: "إذا جلس فاجلسوا". وعند محمد لا يسقط عن الصحيح القيام لكن لا يجوز اقتداؤه بالمريض، بل قال: أخذاً بالقياس