وإن صلّى قاعداً فصلوا قعوداً. ومن طريق أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً: إنما جُعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا صلّى قاعداً فصلّوا قعوداً. ومن طريق سالم، عن ابن عمر مثله، ثم قال: فذهب قوم إلى هذا، فقالوا: من صلّى قاعداً من عذر صلّوا خلفه قعوداً، وإن كانوا مطيقين للقيام. وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: بل يصلّون خلفه قياماً ولا يسقط عنهم فرض القيام لسقوطه (في الأصل: "لسكوته"، وهو تحريف) عن إمامهم، ثم ذكر في حجتهم ما أخرجه بسنده، عن أبي إسحاق، عن أرقم بن شرحبيل قال: سافرتُ مع ابن عباس من المدينة إلى الشام، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمّا مرض مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة، فقال: ادعوا لي عليّاً، فقالت عائشة: ألا ندعو لك أبا بكر؟ فقال ادعوه، ثم قالت حفصة: ألا ندعو لك عمر؟ قال: ادعوه، فقالت أم الفضل: ألا ندعو لك عمَّك العباس؟ قال: ادعوه، فلما حضروا، قال: ليصلِّ بالناس أبو بكر، فتقدم أبو بكر، فصلّى بالناس ووجد رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفَّة، فخرج يُهادي بين رجلين، فلما أحسَّه أبو بكر ذهب يتأخر، فإشار إليه مكانَك، فاستمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث انتهى أبو بكر من القراءة وأبو بكر قائم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس، فأتّمَّ أبو بكر به وائتمَّ الناس بأبي بكر. قال الطحاوي: ففي هذا الحديث أن أبا بكر ائتم برسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً وهو قاعد. وهذا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قوله ما قال، ثم أخرج من طريق موسى بن عائشة، عن عبيد الله، عن عائشة نحوه، وفيه أن الصلاة التي كان خرج فيها كانت صلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر، فأومى إليه أن لا يتأخَّر، وقال لهما: أجلساني إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلّي وهو قائم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد. ومن طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة نحوه، ثم ذكر وجه النظر في عدم سقوط القيام من المؤتمّ، وقال بعد ذلك: فثبت بذلك أن الصحيح أن القيام واجب عليه في الصلاة إذا دخل مع من قد سقط عنه فرض القيام في صلاته لم تسقط عنه بدخوله من القيام ما كان واجباً عليه قبل ذلك. وهذا قول أبي حنيفة ومحمد