الثقيل أمام الله تعالى تجاه هذه الأمة وهذا دورنا الذي لا ينبغي أن نتخلف عنه.
...وهنا لابدَّ من وحدة الهدف ووحدة المنهج لتجتمع هذه القلوب المؤمنة برباط إيماني متين، وهذا هو ما صنعه النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - حين أرسى دعائم الأمة، فجعل الصحابة يجتمعون على هدف واحد هو التوحيد، فصارت " لا إله إلا الله " هي العروة الوثقى، حدث هذا في حلقة صغيرة كانت تعقد في بيت الأرقم بن أبى الأرقم لتلاوة القرآن، فأقبل الصحابة على تلكم الوجهة، وارتضوا آنئذٍ التضحية بكل شيء في سبيل الله جل وعلا، ورسخ في صدورهم معنى "الولاء والبراء"، فكانوا بالأمس تقوم بينهم العلاقات على قرابة الدم أو المصلحة المشتركة أو لقاءات الشهوة، ومثل هذه العلاقات كانت تصنع فيهم روابط من نوع ما، كانت لا تصل أبدًا لحد الالتحام والتلاصق، أما وقد غُيرت وجهتهم ونفضوا عنهم جاهلياتهم فحينئذٍ ذابت ذاتياتهم في بوتقة الإيمان، لم يعد هناك هذا السياج المنصوب من كل فرد حول نفسه بحيث لا يمكن أن يتسع لغيره، فالحب في الله نسيج وحده؛ لأنك حينئذٍ ستجتمع معي في المرجعية وهي كتاب الله وسنة رسوله، فلا يحدث شقاق ولا تنافر، أمَّا إذا دخلت الأهواء فالنُّفرة والضغائن والشّجار والتشاحن.
إخوتاه ..
...حين نقول: إن بناء كيان الأمة يبدأ من لبنة " الأخوة " التي هي ثمرة " التَّوحيد " نعنى أنَّ الرباط العقدي الإيماني هو الرباط الوحيد الذي يمكنُه أن تتسع له جميع القلوب المؤمنة، وانظر إلى احتكاك الناس على مستوى المعاملات المادية كيف يفسد العلاقات بينهم.
انظر مثلاً: كيف أنَّ كل إنسان ينصب حوله حدًا لا يسمح لأحدٍ أن يتجازوه، وحين يقترب منه الآخرون تبدأ المشاكل وتظهر العورات وتنكشف الحقائق، أمَّا المتحابون في الله فعلى شاكلة أخرى إذ هذه الهموم السفلية لا تشغل أذهانهم، ثمَّ إنهم