للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابتعدت ما رأيت ما رأيت.

لذلك حثك الله جل وعلا في مثل هذا أن تعفو " فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " [الشورى/٤٠]

وانظر لهذه الآية التي عدها بعض أهل العلم من أرجى آيات القرآن، يقول الله فيها لأبى بكر الصديق الذي منع النفقة على قريبه "مسطح " لما بدر منه تجاه أم المؤمنين في حادثة الإفك ما بدر.

قال تعالى: " وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " [النور / ٢٢].

فانظر إلى هذه الكلمات الندية الجميلة الرائعة التي يخاطب الله بها القلب ويستثير بها العاطفة ويستجيش بها النفس، إنَّ القرآن لا يعرف اللباب والقشور، لا يعرف أن يترك مثل هذه الأمور الفرعية والجزئية في سبيل الأمور الأصلية والقضايا الأهم، لا إنَّ الأمر كله دين، ولا يمكن أن يسكت الوحي عن أي حادثة فيها مخالفة دون بيان، فانظر كيف تكلم عن حادثة الإفك وعلم المسلمين فيها كيف يتعاملون مع مثل هذه القضايا الشائكة، ثم ثنَّى بذكر هذه الحادثة. فما لبث أبو بكر - رضي الله عنه - أن استجاب وعاد لينفق عليه مرة أخرى.

إخوتاه ......

هكذا يكون التعامل بترك التحامل القلبي، قال تعالى: " وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [آل عمرن / ١٣٣ - ١٣٤].

فأهل الإيمان يتصفون بالعفو والرحمة " رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ " [الفتح / ٢٩] "أَذِلَّةٍ عَلَى

<<  <   >  >>