العظيمة، فأمور العقائد لا تقليد فيها ولا يتسع فيها الخلاف؛ لأنها من القطعيات، أمَّا مسائل الفروع ممّا اختلف فيها سلفنا فإنَّه يسعنا ما وسعهم ولا حرج ولا غضاضة.
إخوتاه ..
...الحديث عن الخلاف الفقهي وتأثيره يجرنا لقضية "التعصب" كسبب رئيس لحدة الاختلاف، والتعصب دلالة عن جهل وغياب لآداب العلم، وأغلب من يخوض في ذلك أنصاف المتعلمين، وقد مضى قول أهل العلم على أنَّ التعصب للمذاهب والمشايخ وتفضيل بعضهم على بعض، والدعوى لذلك والموالاة عليه من دعوى الجاهلية، فكل من عَدَل عن الكتاب والسنة لرأى إنسان كائنًا من كان فهو على ضلال مبين، إذ الواجب على كل مسلم أن يمحض قصده لطاعة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فلا ينتصر لشخص انتصاراً مطلقاً إلا لشخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا لطائفة انتصارًا عامًا إلا لأصحابه رضى الله عنهم، فإن الهدى يدور معهم حيث داروا.
إخوتاه ..
...قال - صلى الله عليه وسلم - حين بعث أبى بن كعب ومعاذ بن جبل إلى اليمن " يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا "(١)
...والنهي هنا ليس متوجهًا إلى حقيقة الشيء بمعنى إبطال الخلاف، كيف والخلاف أمر واقع، بل المراد المآل والناتج عن اختلاف وجهات النظر في المسائل الاجتهادية التي لا تنضبط تحت نص قاطع في ثبوته ودلالته على عين القضية المطروحة، فهنا ينبغي أن يقدم "وحدة العمل" على "اختلاف الرأي" فلا يصر كل منهما على رأيه ويصعد الخلاف،
(١) متفق عليه أخرجه البخاري (٣٠٣٨) ك الجهاد والسير، باب: ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، وعقوبة من عصى إمامه، ومسلم (١٧٣٣) ك الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير.