نَسْخُ القراءةِ وراءَ الإمام في الجهرية
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أجاز للمؤتمين أن يَقرؤوا بها وراء الإمام في الصلاة الجهرية؛ حيث
كان في صلاة الفجر، فقرأ، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ؛ قال: " لعلكم تقرؤون خلف
إمامكم؟ ". قلنا: نعم؛ هذّاً يا رسول الله! قال: " لا تفعلوا؛ إلا [أن يقرأ أحدكم] بـ:
{فاتحة الكتاب} ؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ".
ثم نهاهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القراءة كلها في الجهرية، وذلك حينما " انصرف من صلاة جهر
فيها بالقراءة (وفي رواية: أنها صلاة الصبح) ، فقال: " هل قرأ معي منكم أحد آنفاً؟! ".
فقال رجل: نعم؛ أنا يا رسول الله! فقال: " إني أقول: ما لي أنازع؟! ". [قال أبو هريرة:]
فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما جهر فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقراءة حين
سمعوا ذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [وقرؤوا في أنفسهم سرّاً فيما لا يجهر فيه الإمام] ".
وجعل الإنصات لقراءة الإمام من تمام الائتمام به؛ فقال: " إنما جعل الإمام ليؤتم به،
فإذا كبر؛ فكبروا، وإذا قرأ؛ فأنصتوا ". كما جعل الاستماع له مغنياً عن القراءة وراءه؛
فقال: " من كان له إمام؛ فقراءة الإمام له قراءة ". هذا في الجهرية. (ص ٣٢٧ - ٣٦٤) .
وُجُوبُ القراءة في السِّرِّيَّةِ
وأما في السرية؛ فقد أقرهم على القراءة فيها، فقال جابر: " كنا نقرأ في الظهر
والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بـ: {فاتحة الكتاب} وسورة، وفي الأخريين
بـ: {بفاتحة الكتاب} ". وإنما أنكر التشويش عليه بها، وذلك حين " صلى الظهر
بأصحابه؛ فقال: " أيُّكم قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}
؟ ". فقال رجل: أنا، [ولم أرد
بها إلا الخير] . فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قد عرفت أن رجلاً خَالَجَنِيْها ". وفي حديث آخر: " كانوا
يقرؤون خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [فيجهرون به] ، فقال: " خلطتم عليَّ القرآن ". وقال: " إن
المصلِّي يناجي ربه؛ فلينظر بما يناجيه به. ولا يجهرْ بعضكم على بعض بالقرآن ". وكان
يقول: " من قرأ حرفاً من كتاب الله؛ فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:
{الم} حرف؛ ولكن (أَلِف) حرف، و (لام) حرف، و (ميم) حرف ". (ص ٣٦٥ - ٣٧٢) .
التَّأمِينُ، وجَهْرُ الإمامِ به
ثم " كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا انتهى من قراءة {فاتحة الكتاب} ؛ قال: " آمين ". يجهر، ويمد بها