نصّاً؛ فكل جمعٍ يؤدي إلى إبطال وإلغاء ما قيده الشارع فهو غير مقبول، وهو على صاحبه مردود؛ فالحق ما ذهب إليه مَنْ ذكرنا في أول البحث من بطلان الصلاة بمرور المرأة الحائض، والحمار، والكلب الأسود. وأما الكافر، والمجوسي، والخنزير، واليهودي، والنصراني؛ فالقول بذلك متوقف على ثبوت ذلك عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد علمت - مما سبق - أن حديث الكافر منقطع، وحديث الخنزير وغيره مشكوك في رفعه؛ فلا حجة في ذلك حتى يتصل سنده، ويرفع يقيناً متنه. (١) فيه دلالة على تحريم القعود على القبور؛ لأنه الأصل في النهي، وهو مذهب الجمهور فيما حكاه الصنعاني في " سبل السلام " (٢/١٥٧) ، والشوكاني في " النيل " (٤/٧٥) ، والصواب أن مذهبهم الكراهة - كما نقله النووي في " المجموع " (٥/٣١٢) عنهم، وابن الجوزي فيما ذكره الحافظ في " الفتح " (٣/١٧٤) -، والحق: إنه حرام؛ لما ذكرنا من أن أصل النهي التحريم، ولم يرد شيء يخرجه منه إلى الكراهة، بل جاء ما يؤكده؛ وهو: ما رواه أبو هريرة عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه، فتخلص إلى جلده؛ خير له من أن يجلس على قبر ". أخرجه مسلم (٣/٦٢) ، وأبو داود (٢/٧١) ، والنسائي (١/٢٨٧) ، وابن ماجه (١/١/٤٧٤) ، وأحمد (٢/٣١١ و ٣٨٩ و ٤٤٤) .