المعارضة بها. وقال ابن القيم في " الزاد " (١/١١١) : " ومعارض هذه الأحاديث قسمان: صحيح غير صريح، وصريح غير صحيح؛ فلا تُترك لمعارض هذا شأنه، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي وعائشة رضي الله عنها نائمة في قِبلته، وكأن ذلك ليس كالمار؛ فإن الرجل مُحَرَّمٌ عليه المرور بين يدي المصلي، ولا يكره له أن يكون لابثاً بين يديه، وهكذا المرأة؛ يقطع مرورها الصلاة دون لُبْثِها. والله أعلم ". وأما دعوى بعضهم نسخ تلك الأحاديث؛ فشيء لا برهان عليه، وقد أنكرها كثير من العلماء، حتى من الذين لم يذهبوا إلى ظاهرها؛ كالنووي، وابن حجر وغيرهما. قال في " المجموع " (٣/٢٥١) : " وأما ما يدعيه أصحابنا وغيرهم من النسخ؛ فليس بمقبول؛ إذ لا دليل عليه، ولا يلزم من كون حديث ابن عباس في حجة الوداع - وهي آخر الأمر - أن يكون ناسخاً؛ إذ يمكن كون أحاديث القطع بعده، وقد علم وتقرر في الأصول أن مثل هذا لا يكون ناسخاً، مع أنه لو احتمل النسخ؛ لكان الجمع بين الأحاديث مقدماً عليه، إذ ليس فيه رد شيء منها، وهذه أيضاً قاعدة معروفة ". قلت: والجمع فرع التعارض، وقد أثبتنا أنه لا تعارض؛ فيبقى العمل بالأحاديث على ظاهرها، على أن ما جمعوا به غير معقول؛ وذلك أنهم قالوا: إن المراد بالقطعِ القطعُ عن الخشوع والذكر؛ للشغل بها، والالتفات إليها، لا أنها تفسد الصلاة. قلت: إنه غير معقول؛ لأنه يؤدي إلى إبطال منطوق الحديث؛ لأنه حصر القطع بالثلاثة المذكورة فيه، وملاحظة المعنى الذي ذكروه يؤدي إلى أن الحصر غير مراد؛ وذلك لأنه لا فرق في الإشغال عن الخشوع بين الرجل المارِّ والمرأة، بل ما الفرق بين المرأة الحائض وغير الحائض على هذا الجمع؟ وكذا لا فرق بين مرور الحمار، والفرس، أو