" إنه يسر بالتأمين الإمامُ وغيره ". والحق أنه ليس لهم حجة في ذلك؛ إلا حديث شعبة: وخفض بها صوته. وقد علمت أنه خطأ، مخالف لمن هو أحفظ منه وأكثر عدداً، ومعارض لجميع الأحاديث التي ذكرناها؛ ولذلك لم يَسع ابنَ الهمام إلا أن قال (٣٠٧) : " ولو كان إليَّ في هذا شيء؛ لوفَّقْتُ بأن رواية الخفض يراد بها: عدم القرع العنيف، ورواية الجهر: بمعنى قولها في زير الصوت وذيله ". ثم استدل على ذلك بحديث أبي هريرة: فيرتج بها المسجد. قال: " وارتجاجه: إذا قيل في اليم؛ فإنه الذي يحصل عنه دوي - كما يشاهد في المساجد -؛ بخلاف ما إذا كان يقرع، وعلى هذا فينبغي أن يقال على هذا الوجه: لا يقرع - كما يفعله بعضهم - ". اهـ. وتأمل ما تحت قوله: " ولو كان إليَّ في هذا شي ". من الاحتياط في عدم التصريح بمخالفة المذهب؛ مما لا نرضاه له ولأمثاله من محققي العلماء، وقد جهر بالحق من علمائنا أبو الحسنات اللكنوي؛ حيث قال: " والإنصاف أن الجهر قوي من حيث الدليل، وقد أشار إليه ابن أمير حاج في " الحَلْبة "؛ حيث قال: ... " فذكر كلامه. وفيه: " ورجح مشايخنا ما للمذهب بما لا يعرى عن شيء لمتأمله ". انتهى. المسألة الثالثة: هل يجهر المؤتمون بها؟ فيه خلاف؛ فذهب إسحاق - كما سبق - إلى أنهم يجهرون بها، وهو مذهب الشافعي القديم؛ كما في " الفتح " (٢/٢١٢) وغيره قال: " وعليه الفتوى. وقال الرافعي: قال الأكثر: في المسألة قولان؛ أصحهما أنه يجهر ". قلت: وقال النووي في " صحيح مسلم ":