ما حقيقة دين الإسلام؟ ثم ما معنى المذهب؟ وهل يلزم من تشرف بدين
الإسلام أن يتمذهب على أحد المذاهب الأربعة؟ أي: أن يكون مالكيّاً، أو
حنفيّاً، أو شافعيّاً، أو غيرها، أو لا يلزم؟
لأنه قد وقع هنا اختلاف عظيم، ونزاع وخيم؛ حينما أراد عدة أنفار من متنوري
الأفكار من رجال (يابونيا) أن يدخلوا في دين الإسلام، ويتشرفوا بشرف الإيمان،
فعرضوا ذلك على جمعية المسلمين الكائنة في (طوكيو) . فقال جمع من أهل الهند:
ينبغي أن يختاروا مذهب الإمام أبي حنيفة؛ لأنه سراج الأمة.
وقال جمع من أهل أندونيسيا (جاوا) :
يلزم أن يكون شافعيّاً! فلما سمع الجابانيون كلامهم؛ تعجبوا جدّاً،
وتحيروا فيما قصدوا، وصارت مسألة المذاهب سدّاً في سبيل إسلامهم! ".
٣- ويزعم آخرون أن معنى هذا الذي تدعون إليه من الاتباع للسنة، وعدم
الأخذ بأقوال الأئمة المخالفة لها؛ ترك الأخذ بأقوالهم مطلقاً، والاستفادة من
اجتهاداتهم وآرائهم.
فأقول: إن هذا الزعم أبعد ما يكون عن الصواب؛ بل هو باطل ظاهر
البطلان، كما يبدو ذلك جليّاً من الكلمات السابقة؛ فإنها كلها تدل على
خلافه، وأن كل الذي ندعو إليه إنما هو ترك اتخاذ المذاهب ديناً، ونصبها مكان
الكتاب والسنة؛ بحيث يكون الرجوع إليها عند التنازع، أو عند إرادة استنباط
أحكام جديدة لحوادث طارئة؛ كما يفعل متفقهة هذا الزمان، وعليه وضعوا
الأحكام الجديدة للأحوال الشخصية، والنكاح والطلاق، وغيرها؛ دون أن
يرجعوا فيها إلى الكتاب والسنة، ليعرفوا الصواب منها من الخطأ، والحق من
الباطل، وإنما على طريقة: " اختلافهم رحمة "! وتتبع الرخص، والتيسير، أو