المصلحة - زعموا -، وما أحسن قول سليمان التيمي رحمه الله تعالى:
" إن أخذتَ برخصة كل عالم؛ اجتمع فيك الشر كله ".
رواه ابن عبد البر (٢/٩١ - ٩٢) ، وقال عقبه:
" هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً ".
فهذا الذي ننكره، وهو وفق الإجماع - كما ترى -.
وأما الرجوع إلى أقوالهم، والاستفادة منها، والاستعانة بها على تفهم
وجه الحق فيما اختلفوا فيه، مما ليس عليه نص في الكتاب والسنة، أو ما كان
منها بحاجة إلى توضيح؛ فأمر لا ننكره، بل نأمر به، ونحض عليه؛ لأن
الفائدة منه مرجوة لمن سلك سبيل الاهتداء بالكتاب والسنة.
قال العلامة ابن عبد البر رحمه الله تعالى (٢/١٧٢) :
" فعليك يا أخي! بحفظ الأصول والعناية بها، واعلم أن من عني بحفظ
السنن والأحكام المنصوصة في القرآن، ونظر في أقاويل الفقهاء - فجعله عوناً
له على اجتهاده، ومفتاحاً لطرائق النظر، وتفسيراً لجمل السنن المحتملة
للمعاني -، ولم يقلد أحداً منهم تقليد السنن، التي يجب الانقياد إليها على
كل حال دون نظر، ولم يُرح نفسه مما أخذ العلماء به أنفسهم من حفظ السنن
وتدبُّرِها، واقتدى بهم في البحث والتفهم والنظر، وشكر لهم سعيهم فيما
أفادوه ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم
من الزلل؛ كما لم يبرئوا أنفسهم منه؛ فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه
السلف الصالح، وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، والمتبع لسنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وهدي صحابته رضي الله عنهم.
ومن أعَفَّ نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه،