الذين بهم حُفِظ هذا الدين، ووصل إلينا ما وصل من فروعه، وأنه مأجور على كل حال؛ أصاب أم أخطأ، كما أنه لا يجوز لمعظِّميه أن يظلوا متمسكين بأقواله المخالفة للأحاديث؛ لأنها ليست من مذهبه - كما رأيت نصوصه في ذلك -، فهؤلاء في واد، وأولئك في واد، والحق بين هؤلاء وهؤلاء، {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} . (١) الفلاني في " الإيقاظ " (ص ٥٠) ، ونسبه للإمام محمد أيضاً، ثم قال: " هذا ونحوه ليس في حق المجتهد؛ لعدم احتياجه في ذلك إلى قولهم؛ بل هو في حق المقلد ". قلت: وبناءً على هذا قال الشعراني في " الميزان " (١/٢٦) : " فإن قلت: فما أصنع بالأحاديث التي صحت بعد موت إمامي، ولم يأخذ بها؟ فالجواب: الذي ينبغي لك: أن تعمل بها؛ فإن إمامك لو ظفر بها، وصحت عنده؛ لربما كان أَمَرَك بها؛ فإن الأئمة كلهم أسرى في يد الشريعة، ومن فعل ذلك؛ فقد حاز الخير بكلتا يديه، ومن قال: (لا أعمل بحديث إلا إن أخذ به إمامي) ؛ فاته خير كثير؛ كما عليه كثير من المقلدين لأئمة المذاهب، وكان الأولى لهم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم؛ تنفيذاً لوصية الأئمة؛ فان اعتقادنا فيهم أنهم لو عاشوا، وظفروا بتلك الأحاديث التي صحت بعدهم؛ لأخذوا بها، وعملوا بما فيها، وتركوا كلَّ قياس كانوا قاسوه، وكلَّ قول كانوا قالوه ".