" واستُدل بتعليمه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه الكيفية - بعد سؤالهم عنها - بأنها أفضل كيفيات الصلاة عليه؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل، ويترتب على ذلك: لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة؛ فطريق البرِّ أن يأتي بذلك. هكذا صوبه النووي في " الروضة " ". ثم قال الحافظ: " والذي يرشد إليه الدليل أن البر يحصل بما في حديث أبي هريرة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا؛ فليقل: اللهم! صل على محمد النبي ... " إلخ ". قلت: لكن هذا الحديث ضعيف؛ لا يجوز أن يحتج به - كما بينا فيما سبق [ص ٩٢٨]-؛ فالحق ما استصوبه النووي إن شاء الله تعالى؛ ولذلك قال تاج الدين عبد الوهاب بن تقي الدين السبكي في " طبقات الشافعية " (١/٩٦) : " سمعت أبي رحمه الله يقول: أحسن ما صُلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهذه الكيفية، ومن أتى بها؛ فقد صلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيقين، وكان له الجزاء الوارد في حديث الصلاة بيقين، وكل من جاء بلفظ غيرها؛ فهو من إتيانه بالصلاة المطلوبة في شك؛ لأنهم قالوا: كيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: ... " كذا. فجعل الصلاةَ عليه منهم هي قولَ كذا. قال: وإذا قالها العبد؛ فقد سأل الله تعالى أن يصلي على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما صلى على إبراهيم عليه الصلاة والسلام وآله، ثم إذا قالها عبد آخر؛ فقد طلب صلاة أخرى غير التي طلبها الداعي الأول ضرورةَ أن المطلوبَيْنِ - وإن تشابها -؛ مفترقان بافتراق الطالب، وأن الدعوتين مستجابتان؛ إذ الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعوة مستجابة، فلا بد أن يكون ما طلبه هذا غير ما طلبه ذاك؛ لئلا يلزم تحصيل الحاصل.