وهذه فوائد تتعلق بالصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تعمدت ذكرها؛ لغفلة أكثر الناس عنها: الفائدة الأولى: اشتهر السؤال بين العلماء عن وجه التشبيه في قوله: " كما صليت ... " إلخ، مع أن المقرر أن المشبَّه دون المشبه به. والواقع هنا عكسه؛ إذ إن محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده أفضل من آل إبراهيم بما فيهم إبراهيم نفسه، ولا سيما وقد أضيف إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آل محمد، وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل. وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة أوردها ابن القيم في " الجلاء " (١٨٦ - ١٩٨) ، ثم الحافظ في " الفتح " (١١/١٣٤ - ١٣٦) . وقد بلغت نحو عشرة أقوال، بعضها أشد ضعفاً من بعض، إلا قولاً واحداً؛ فإنه أقواها وأصحها، وقد استحسنه ابن القيم؛ تبعاً لشيخه في " الفتاوى " (١/١٦٥) ، وهو قول من قال: إن آل إبراهيم فيهم الأنبياء الذين ليس في آل محمد مثلهم، فإذا طُلب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولآله من الصلاة عليه مثل ما لإبراهيم وآله، وفيهم الأنبياء؛ حصل لآل محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك ما يليق بهم؛ فإنهم لا يبلغون مراتب الأنبياء، وتبقى الزيادة التي للأنبياء وفيهم إبراهيم لمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فيحصل له من المزية ما لا يحصل لغيره. قال ابن القيم (١٩٧) : " وهذا أحسن من كل ما تقدم، وأحسن منه أن يقال: محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو من آل إبراهيم، بل هو خير آل إبراهيم؛ كما روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ} [٣: ٣٣] . قال ابن عباس رضي الله عنه: محمد من آل إبراهيم. وهذا نص؛ إذ أدخل غيره من الأنبياء - الذين هم من ذرية إبراهيم - في آله؛ فدخول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أولى. فيكون قولنا: " كما صليت على آل إبراهيم ". متناولاً للصلاة عليه، وعلى سائر النبيين من ذرية إبراهيم، ثم قد أمرنا الله أن نصلي عليه وعلى آله خصوصاً بقدر ما صلينا عليه مع سائر آل إبراهيم عموماً، وهو فيهم، ويحصل لآله